أخبار الحسن بن وهب
  بنات داؤه ودواؤه:
  أخبرني الصّوليّ: قال: حدّثني محمد بن موسى، قال: جاءت بنات تسأل الحسن بن وهب من علَّة نالته، فحين رآها دعا برطل، فشربه على وجهها، وقال: قد عوفيت، فأقيمي اليوم عندي، فأبت وقالت: عند مولاي دعوة، فأمر بإحضار مائتي دينار، فأحضرت فقال: هذه مائة لمولاك، فابعثي بها إليه ومائة لك؛ فقالت: أمّا هو فأبعث بمائة إليه(١)؛ وأما أنا فو اللَّه لا أخذت المائة الأخرى، ولأتصدقنّ بمثلها لعافيتك(٢) ولكن أكتب إليه رقعة تقوم بعذري؛ فأخذ الدواة؛ وكتب إلى مولاها:
  ضرّة الشمس والقمر ... متّعيني من النّظر(٣)
  متّعيني بجلسة ... منك يا أحسن البشر
  أشتريها إن بعتن ... يها بسمعي وبالبصر
  أذهب السقم سقم طر ... فك ذي الغنج والحور(٤)
  فأديمي السرور لا ... تمزجي الصفو بالكدر
  ليس يبقي عليّ ... حبّك هذا ولا يذر
  وأنا منه فأنعمي ... بمقام على خطر
  وتغنّي فداك كلّ ... مغنّ لكي أسرّ
  ربع سلمى بذي بقر ... عرضة الريح والمطر(٥)
  عمه من ضمن عزاله:
  حدّثني أبو إسحاق بن الضحاك عن أحمد بن سليمان - والحكايتان متفقتان متقاربتان - أخبرني الصولي: قال:
  حدّثني الحسين بن يحيى: قال: حدّثني أحمد بن سليمان بن وهب قال: قال لي أبي:
  قد عزمت على معاتبة عمّك في حبه لبنات، فقد شهّر بها وافتضح، فكن معي، وأعنّي عليه، وكان هواي مع عمّي، فمضيت معه فقال له أبي، وقد أطال عتابه: يا أخي، جعلت فداك! الهوى ألذّ وأمتع، والرأي أصوب وأنفع، فقال عمي متمثلا:
  إذا أمرتك العاذلات بهجرها ... أبت كبد عما يقلن صديع
  وكيف أطيع العاذلات وحبّها ... يؤرّقني والعاذلات هجوع
(١) هج، هد: «فابعث إليه بمائته».
(٢) هج: «بمثلها من مالي لعافيتك».
(٣) في هد:
«صورة الشمس القمر»
(٤) الغنج: الدل والغزل وفي ف «بالغنج».
(٥) بذي بقر: واد بعينه.