أخبار علي بن أمية
  أية ريح يعني:
  حدّثني الحسن بن علي عن محمد بن القاسم عن أبي هفّان: قال:
  كنا في مجلس، وعندنا قينة تغنينا، وصاحب البيت يهواها، فجعلت تكايده، وتومئ إلى غيره بالمزح والتّجميش(١)، وتغيظه بجهدها، وهو يكاد يموت قلفا وهمّا وتنغّص عليه يومه، ولجّت في أمرها، ثم سقط المضراب عن يدها، فأكبّت على / الأرض لتأخذه، فضرطت ضرطة سمعها جميع من حضر، وخجلت، فلم تدر ما تقول فأقبلت على عشيقها فقالت: أيش تشتهي أن أغني لك؟ فقال: غنّي(٢):
  يا ريح ما تصنعين بالدّمن
  فخجلت وضحك القوم وصاحب الدار، حتى أفرطوا، فبكت وقامت من المجلس، وقالت: أنتم واللَّه قوم سفل، ولعنة اللَّه على من يعاشركم، وغضبت وخرجت، وكان - علم اللَّه - سبب القطيعة بينهما وسلو ذلك الرجل عنها:
  من الرسول؟
  أخبرني ابن عمّار وعمي والحسن بن علي، قالوا: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثنا الحسين بن الضحاك: قال:
  كنت في مجلس قد دعينا إليه، ومعنا علي بن أمية، فعلقت نفسه بقينة / دعيت لنا يومئذ، فأقبل عليها فقال لها: أتغنّين قوله:
  خبريني من الرسول إليك؟ ... واجعليه من لا ينمّ عليك
  وأشيري إليّ من هو بالل ... حظ ليخفى على الذين لديك
  فقالت: نعم، وغنته لوقتها وزادت فيه هذا البيت، فقالت:
  وأفلَّي المزاح في المجلس اليو ... م فإن المزاح بين يديك(٣)
  ففطن لما أرادت وسرّ بذلك، ثم أقبلت على خادم واقف فقالت له: يا مسرور، اسقني، فسقاها، وفطن بن أمية أنها أرادت أن تعلمه أن مسرورا هو الرسول، فخاطبه، فوجده كما يريد، وما زال ذلك الخادم يتردّد في الرسائل بينهما.
(١) التجميش: المغازلة والملاعبة.
(٢) ب، غن، وهو خطأ.
(٣) في هج: «وأقل المزاح في ذلك المجلس».