كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي العبر ونسبه

صفحة 148 - الجزء 23

  حين تنبو العيون عنك كما ... ينقبض السّمع عن حديث معاد

  فاغتنم قبل أن تصير إلى كان ... وتضحي في جملة الأضداد

  وأنشدني محمد بن داود بن الجرّاح له، وفيه رمل طنبوري محدث أظنّه لجحظة.

  صوت

  من غزله المستملح:

  داء دفين وهوى بادي ... أظلم فجازيك بمرصاد

  يا واحد الأمة في حسنه ... أشمت بي صدّك حسّادي⁣(⁣١)

  قد كدت مما نال منّي الهوى ... أخفى على أعين عوّادي

  عبدك يحيي موته قبلة ... تجعلها خاتمة الزّاد⁣(⁣٢)

  الحماقة أنفق:

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني أحمد بن عليّ الأنباري:

  قال:

  كنا يوما في مجلس يزيد بن محمد المهلَّبي بسرّ من رأى، فجرى ذكر أبي العبر، فجعلوا يذكرون حماقاته وسقوطه، فقلت ليزيد: كيف كان عندك، فقد رأيته؟ فقال: ما كان إلَّا أديبا فاضلا، ولكنه رأى الحماقة أنفق وأنفع له، فتحامق.

  يهجو قاضيين أعورين:

  فقلت له: أنشدك أبياتا له أنشدنيها، / فانظر لو أراد دعبل - فإنه أهجى أهل زماننا - أن يقول في معناها ما قدر على أن يزيد على ما قال، قال: أنشدنيها، فأنشدته قوله:

  رأيت من العجائب قاضيين ... هما أحدوثة في الخافقين

  هما اقتسما العمي نصفين فذّا ... كما اقتسما قضاء الجانبين⁣(⁣٣)

  هما فأل الزمان بهلك يحيى ... إذا افتتح القضاء بأعورين⁣(⁣٤)

  وتحسب منهما من هزّ رأسا ... لينظر في مواريث ودين

  كأنك قد جعلت عليه دنّا ... فتحت بزاله من فرد عين⁣(⁣٥)


(١) في ف «يا واحد العالم».

(٢) في ف هج «نفسه» بدل «موته».

(٣) فذا: فردا، وفي هج «قدا» بمعنى: مناصفة.

(٤) في ف «افتتح» وفي س، ب: «فتح». والقاضيان - كما في هج - هما: حيان بن بشر، وسوار بن عبد اللَّه، ولا هما يحيى بن أكثم ...

(٥) البزال: موضع ثقب الدن والحديدة التي يفتح بها، وبزال ككتاب.