أخبار مروان بن أبي حفصة الأصغر
  لقد حفر الزيات بالبغي حفرة ... فألقاه فيها اللَّه بالكفر والغدر
  قال: فذكرني ابن أبي دواد للمتوكل، فأمر بإحضاري، فقيل له: نفاه الواثق إلى اليمامة، وذلك لميله إليك.
  فقال: يحمل، فقال له ابن أبي دواد: عليه ستة آلاف دينار دين، فقال: يكتب له بها إلى عامل اليمامة، فكتب لي بها وبالحملان والمعونة، فقدمت عليه وأنشدته قولي:
  صوت
  رحل الشباب وليته لم يرحل ... والشيب حلّ وليته لم يحلل
  فلما بلغت إلى هذا البيت:
  كانت خلافة جعفر كنبوّة ... جاءت بلا طلب ولا بتمحّل
  وهب الإله لك الخلافة مثل ما ... وهب النبوّة للنبيّ المرسل
  فأمر لي بخمسين ألف درهم.
  / وفي أول هذه القصيدة لعريب ثاني ثقيل بالوسطى.
  والصوت المذكور في أول هذه الأخبار من قصيدة قالها أبو السّمط في المنتصر لمّا ولي الخلافة.
  يستأذن على المنتصر فلا يؤذن له:
  أخبرني بخبره فيها جماعة من أصحابنا، منهم محمد بن جعفر النحويّ صهر المبرد، والحسن بن عليّ قالا:
  حدّثنا محمد بن موسى قال: حدّثني القاسم بن محمد(١) الكاتب قال:
  حدّثني المرزبان بن الفروران(٢) حاجب المنتصر قال: إن مروان بن أبي حفصة الأصغر المكنى أبا السّمط استأذن على المنتصر لمّا ولي الخلافة، فقال: واللَّه لا أذنت للكافر ابن الزّانية، أليس هو القائل:
  وحكَّم فيها حاكمين أبوكم ... هما خلعاه خلع ذي النّعل للنّعل
  قولوا له: واللَّه لا وصلت إليّ أبدا، فلما بلغه هذا القول عمل هذا الشّعر:
  لقد طال عهدي بالإمام محمد ... وما كنت أخشى أن يطول به عهدي
  وذكر الأبيات كلها.
  قال: وسأل بنان بن عمرو، فصنع فيه لحنا وغنى به المنتصر، فلما سمعه سأل عن قائلها، فأخبرته، فقال:
  أما الوصول إليّ فلا سبيل إليه، ولكن أعطوه عشرة آلاف درهم يتحمل بها إلى اليمامة.
(١) هج: «القاسم بن أحمد الكاتب».
(٢) هج: «المرزبان بن فيروزان».