كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة الأصغر

صفحة 153 - الجزء 23

  لقد حفر الزيات بالبغي حفرة ... فألقاه فيها اللَّه بالكفر والغدر

  قال: فذكرني ابن أبي دواد للمتوكل، فأمر بإحضاري، فقيل له: نفاه الواثق إلى اليمامة، وذلك لميله إليك.

  فقال: يحمل، فقال له ابن أبي دواد: عليه ستة آلاف دينار دين، فقال: يكتب له بها إلى عامل اليمامة، فكتب لي بها وبالحملان والمعونة، فقدمت عليه وأنشدته قولي:

  صوت

  رحل الشباب وليته لم يرحل ... والشيب حلّ وليته لم يحلل

  فلما بلغت إلى هذا البيت:

  كانت خلافة جعفر كنبوّة ... جاءت بلا طلب ولا بتمحّل

  وهب الإله لك الخلافة مثل ما ... وهب النبوّة للنبيّ المرسل

  فأمر لي بخمسين ألف درهم.

  / وفي أول هذه القصيدة لعريب ثاني ثقيل بالوسطى.

  والصوت المذكور في أول هذه الأخبار من قصيدة قالها أبو السّمط في المنتصر لمّا ولي الخلافة.

  يستأذن على المنتصر فلا يؤذن له:

  أخبرني بخبره فيها جماعة من أصحابنا، منهم محمد بن جعفر النحويّ صهر المبرد، والحسن بن عليّ قالا:

  حدّثنا محمد بن موسى قال: حدّثني القاسم بن محمد⁣(⁣١) الكاتب قال:

  حدّثني المرزبان بن الفروران⁣(⁣٢) حاجب المنتصر قال: إن مروان بن أبي حفصة الأصغر المكنى أبا السّمط استأذن على المنتصر لمّا ولي الخلافة، فقال: واللَّه لا أذنت للكافر ابن الزّانية، أليس هو القائل:

  وحكَّم فيها حاكمين أبوكم ... هما خلعاه خلع ذي النّعل للنّعل

  قولوا له: واللَّه لا وصلت إليّ أبدا، فلما بلغه هذا القول عمل هذا الشّعر:

  لقد طال عهدي بالإمام محمد ... وما كنت أخشى أن يطول به عهدي

  وذكر الأبيات كلها.

  قال: وسأل بنان بن عمرو، فصنع فيه لحنا وغنى به المنتصر، فلما سمعه سأل عن قائلها، فأخبرته، فقال:

  أما الوصول إليّ فلا سبيل إليه، ولكن أعطوه عشرة آلاف درهم يتحمل بها إلى اليمامة.


(١) هج: «القاسم بن أحمد الكاتب».

(٢) هج: «المرزبان بن فيروزان».