كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر عبد الله بن يحيى وخروجه وقتله

صفحة 165 - الجزء 23

  أخطأت فيهم، ولو حملت عليهم الحجّ ما كانوا إلا أكلة رأس⁣(⁣١)، فنزل أبو حمزة بقرن الثّعالب من منى، ونزل عبد الواحد منزل السلطان، فبعث عبد الواحد إلى أبي حمزة عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ، $، ومحمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر وعبيد اللَّه بن عمرو بن حفص العمري، وربيعة بن عبد الرحمن⁣(⁣٢)، في رجال من أمثالهم، فلما دنوا من قرن الثعالب لقيتهم مسالح أبي حمزة، فأخذوهم، فدخل بهم على أبي حمزة، فوجدوه جالسا، وعليه إزار قطواني⁣(⁣٣)، قد ربطه الحورة⁣(⁣٤) في قفاه، فلما دنوا تقدّم إليه عبد اللَّه بن حسن / ومحمد بن عبد اللَّه بن عمرو، فنسبهما، فلمّا انتسبا له عبس في وجهيهما وبسر، وأظهر الكراهة لهما.

  ثم تقدم إليه بعدهما البكري والعمريّ فنسبهما، فلما انتسبا له هشّ إليهما، وتبسّم في وجوههما، وقال: واللَّه ما خرجنا إلا لنسير بسيرة أبويكما، فقال له عبد اللَّه بن حسن بن حسن: واللَّه ما جئناك لتفاضل بين آبائنا، ولكن بعثنا إليك الأمير برسالة، وهذا ربيعة يخبركها، فلما ذكر ربيعة نقض العهد، قال بلج وإبراهيم - وكانا قائدين له -:

  الساعة الساعة، فأقبل عليهما أبو حمزة، وقال: معاذ اللَّه أن نقض العهد أو نخيس به، واللَّه لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن تنقضي هذه الهدنة بيننا وبينكم. فلما أبى عليهم خرجوا، فأبلغوا عبد الواحد.

  المختار يدخل مكة:

  فلما كان النّفر الأول نفر عبد الواحد، وخلَّى مكة لأبي حمزة، فدخلها بغير قتال.

  قال هارون: وأنشدني يعقوب بن طلحة الليثي أبياتا هجي بها عبد الواحد لشاعر لم نحفل به:

  زار الحجيج عصابة قد خالفوا ... دين الإله ففرّ عبد الواحد

  / ترك الإمارة والحلائل هاربا ... ومضى يخبّط كالبعير الشارد

  لو كان والده تخيّر أمّه ... لصفت خلائقه⁣(⁣٥) بعرق الوالد

  (⁣٦) ترك القتال وما به من علَّة ... ألا الوهون وعرفة من خالد⁣(⁣٦)

  ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة، فدعا بالدّيوان، وضرب على الناس البعث، وزادهم في العطاء عشرة عشرة.

  انتصاره في قديد:

  قال هارون: أخبرني بذلك أبو ضمرة أنس بن عياض أنه كان فيمن اكتتب، قال: ثم محوت اسمي.

  / قال هارون: وحدّثني غير واحد من أصحابنا أن عبد الواحد استعمل عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عمرو بن


(١) مثل يضرب للقلة.

(٢) في هج: «ربيعة بن عبد الواحد».

(٣) نسبة إلى قطوان: موضع بالكوفة تتخذ منه الأكسية.

(٤) لعل المراد منه: القصارون الذين يحورون الثياب.

(٥) المختار: «خلا لمه».

(٦ - ٦) تكملة من ف.