خبر عبد الله بن يحيى وخروجه وقتله
  تلقاهم فتراهم من راكع ... أو ساجد متضرّع أو ناحب
  / يتلو قوارع تمتري عبراته ... فيجودها مري المريّ الحالب
  سير الجائفة الأمور أطبّة ... للصّدع ذي النبأ الجليل مدائب(١)
  ومبرّئين من المعايب أحرزوا ... خصل المكارم أتقياء أطايب
  عرّوا صوارم للجلاد وباشروا ... حدّ الظباة بأنف وحواجب
  ناطوا أمورهم بأمر أخ لهم ... فرمى بهم قحم الطريق اللاحب(٢)
  متربلي حلق الحديد كأنهم ... أسد على لحق البطون سلاهب(٣)
  قيدت من أعلى حضرموت فلم تزل ... تنفي عداها جانبا عن جانب
  تحمي أعنّتها وتحوي نهبها ... للَّه أكرم فتية وأسائب(٤)
  حتى وردن حياض مكة قطَّنا ... يحكين واردة اليمام القارب(٥)
  ما إن أتين على أحي حبرية ... إلا تركنهم كأمر الذاهب
  في كلّ معترك لها من هامهم ... فلق وأيد علَّقت بمناكب
  سائل بيوم قديد عن وقعاتها ... تخبرك عن وقعاتها بعجائب
  عطية أبي حمزة في أهل المدينة:
  وقال هارون بن موسى في رواية محمد بن جرير الطبري عن العباس بن عيسى عنه:
  / ثم دخل أبو حمزة المدينة سنة ثلاثين ومائة، ومضى عبد الواحد بن سليمان إلى الشأم، فرقي(٦) المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى عليه. وقال:
  يا أهل المدينة، سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فأسأتم - لعمر اللَّه - فيهم القول، وسألناكم: هل يقتلون بالظَّن؟
  فقلتم: نعم، وسألناكم: هل يستحلَّون المال الحرام والفرج الحرام؟ فقلتم: نعم، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم، فنناشدهم اللَّه أن يتنحّوا عنّا وعنكم، ليختار المسلمون لأنفسهم؛ فقلتم: لا تفعلون، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم نلقاهم، فإن نظهر نحن وأنتم نأت بمن يقيم فينا كتاب اللَّه وسنة نبيه، وإن نظفر نعمل في أحكامكم، وتحملكم على سنة نبيكم، ونقسم فيئكم بينكم، فإن أبيتم(٧)، وقاتلتمونا دونهم، فقاتلناكم، فأبعدكم اللَّه، وأسحقكم يا أهل
(١) في ف وهج: «للخطب» بدل «للصدع».
(٢) فحم الطريق: مصاعبه، واللاحب: الواسع، وفي ف: «لقم الطرة».
(٣) السلهب من الخيل. ما طابت عظامه.
(٤) في ف:
«تخرز نهيها»
(٥) القارب: الطالب للماء ليلا.
(٦) ضمير «رقى» يعود على حمزة، لا على سليمان.
(٧) ف: «فأبيم» بدل «فإن أبيتم».