كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر عبد الله بن يحيى وخروجه وقتله

صفحة 176 - الجزء 23

  حتى يبيد الأعور المضلَّل ... ويقتل الصّباح والمفضّل

  الأعور عبد اللَّه بن يحيى رئيسهم.

  ابن عطية ينتصر على بلج:

  قال المدائني عن رجاله: وبعث أبو حمزة بلج بن عقبة في ستمائة رجل ليقاتل عبد الملك بن عطية، فلقيه بوادي القرى لأيام خلت من جمادي الأولى سنة ثلاثين ومائة فتواقفوا، ودعاهم بلج إلى الكتاب والسنة، وذكر بني أمية وظلمهم، فشتمهم أهل / الشام، وقالوا: أنتم يا أعداء اللَّه أحقّ بهذا ممن ذكرتم وقلتم، فحمل عليهم بلج وأصحابه، فانكشف طائفة من أهل الشام، وثبت ابن عطية في⁣(⁣١) عصبة صبروا معه، ونادى يا أهل الشام يا أهل⁣(⁣١) الحفاظ ناضلوا عن دينكم وأميركم، فكرّوا، وصبروا صبرا حسنا، وقاتلوا قتالا شديدا، فقتل بلج وأكثر أصحابه، وانحازت قطعة من أصحابه نحو المائة إلى جبل اعتصموا به، فقاتلهم ابن عطية ثلاثة / أيام فقتل منهم سبعين رجلا ونجا ثلاثون، فرجعوا إلى أبي حمزة، ونصب ابن عطية رأس بلج على رمح، قال: واغتمّ الذين رجعوا إلى أبي حمزة من وادي القرى إلى المدينة، وهم الثلاثون، ورجعوا وجزعوا من انهزامهم، وقالوا: ما فررنا من الزّحف، فقال لهم أبو حمزة: لا تجزعوا، فأنا لكم فئة وإليّ انصرفتم.

  أهل المدينة ينقضون على الخوارج:

  قال المدائني: وخرج أبو حمزة من المدينة إلى مكة، واستخلف رجلا يقال له: المفضّل عليها، فدعا عمر بن عبد الرحمن بن أسيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب الناس إلى قتالهم، فلم يجد كبير أمر؛ لأن القتل قد كان شاع في الناس، وخرج وجوه أهل البلد عنه؛ فاجتمع إلى عمر البربر والزّنج وأهل السوق والعبيد، فقاتل بهم الشّراة؛ فقتل المفضّل وعامّة أصحابه؛ وهرب الباقون؛ فلم يبق في المدينة منهم أحد؛ فقال في ذلك سهيل أبو البيضاء مولى زينب بنت الحكم بن العاصي:

  ليت مروان رآنا ... يوم الاثنين عشيّه

  إذ غسلنا العار عنّا ... وانتضينا المشرفيّه

  قال: فلما قدم ابن عطية المدينة أتاه عمر بن عبد الرحمن بن أسيد؛ فقال له: أصلحك اللَّه! إنّي جمعت قضّي وقضيضي⁣(⁣٢)؛ فقاتلت هؤلاء؛ فقتلنا من امتنع من الخروج عن المدينة وأخرجنا الباقين، فلقيه أهل المدينة بقضّهم وقضيضهم.

  مصرع أبي حمزة وزوجته:

  قال: وأقام ابن عطية بالمدينة شهرا؛ وأبو حمزة مقيم بمكة؛ ثم توجّه إليه فقال له عليّ بن حصين العنبريّ:

  إني قد كنت أشرت عليك يوم قديد وقبله أن تقتل هؤلاء الأسرى كلهم، فلم تفعل، وعرّفتك أنهم سيغدرون فلم تقبل؛ حتى قتلوا المفضّل وأصحابنا المقيمين بالمدينة؛ وأنا أشير عليك اليوم أن تضع السيف في هؤلاء؛ فإنهم كفرة


(١) ما بين الرقمين زيادة في ف.

(٢) مثل يضرب للجمع بين الصغير والكبير.