كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الغريض وأخباره

صفحة 596 - الجزء 2

  محمد بن معن عن خالد بن سلمة⁣(⁣١) المخزوميّ قال:

  خرجت مع أعمامي وأنا على نجيب ومعنا شيخ، فلمّا أسحرنا⁣(⁣٢) قال لي أعمامي: انزل عن نجيبك⁣(⁣٣) واحمل عليه هذا / الشيخ واركب جمله، ففعلت؛ فإذا الشيخ قد أخرج عودا له من غلاف⁣(⁣٤)، ثمّ ضرب به وغنّى:

  هاج الغريض الذّكر ... لمّا غدوا فانشمروا⁣(⁣٥)

  فقلت لبعض أصحابنا: من هذا؟ قال: الغريض.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  هاج الغريض الذّكر ... لمّا غدوا فانشمروا

  على بغال شحّج⁣(⁣٦) ... قد ضمّهنّ السفر

  فيهنّ هند ليتني ... ما عمّرت أعمّر⁣(⁣٧)

  حتى إذا ما جاءها ... حتف أتاني القدر

  عروضه من الرجز. الذي قال عمر:

  هاج القريض الذّكر

  / بالقاف، فجعله الغريض لما غنّى فيه: «الغريض» يعني نفسه. الشعر لعمر بن أبي ربيعة. والغناء لابن سريج. ذكر يونس أنّ له فيه لحنين. وذكر إسحاق أنّ أحدهما رمل مطلق في مجرى البنصر ولم يذكر الآخر، وذكر الهشاميّ أنّ الآخر خفيف رمل. وفيه للغريض ثقيل أوّل بالبنصر، وقيل: إنه لحن ابن سريج، وإن خفيف الرمل للغريض. وأوّل هذا الصوت في كتاب يونس:

  هاج فؤادي محضر⁣(⁣٨) ... بذي عكاظ مقفر

  حتّى إذا ما وازنوا ال ... مروة حين ائتمروا⁣(⁣٩)


(١) كذا في ط. وفي أغلب الأصول: «سلمى» ورجحنا نسخة ط لأن المعروف في «كتب التراجم» خالد بن سلمة بن العاص المخزومي المتوفي سنة ١٣٢ وهذا يصح أن يروي عنه محمد بن معن المتوفي سنة ١٩٨ (انظر «تهذيب التهذيب» ج ٣ ص ٩٥).

(٢) أسحرنا: دخلنا في السحر.

(٣) النجيب من الإبل: القويّ الخفيف السريع.

(٤) الغلاف: ما يوضع فيه الشيء.

(٥) فانشمروا: مرّوا جادّين مسرعين.

(٦) شحج: جمع شاحج، والشحاج: صوت البغل (انظر ص ١٨٧ ج ١ من هذا الكتاب).

(٧) هذا البيت وما بعده وردا في قصيدة من «ديوانه» مطلعها:

قد هاج قلبي محضر ... أقوى وريع مقفر

(٨) المحضر عند العرب: المنهل الذي يجتمعون ويحضرون عليه، وسواء كان حاضرو المياه ممن يقرّون عليها للأبد، أم يحضرونها شهور القيظ ويفارقونها حين يقع ربيع في أرض فينتجعونه، وخلاف المحضر المنتجع والمبدي.

(٩) كذا في ب، س، ح، والمراد من موازنتهم للمروة محاذاتهم لها ومقابلتهم إياها، والمروة: جبل بمكة وهو أحد شعائر الحج.

وائتمروا: تشاوروا. وفي سائر النسخ و «ديوان ابن أبي ربيعة»: