كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الغريض وأخباره

صفحة 597 - الجزء 2

  قيل انزلوا فعرّسوا ... من ليلكم وانشمروا

  وقولها لأختها ... أمطمئنّ عمر

  قدم الوليد بن عبد الملك مكة فصحبه ابن أبي ربيعة وحدّثه وغناه الغريض

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال وذكر السّعديّ⁣(⁣١):

  أنّ الوليد بن عبد الملك قدم مكَّة، فأراد أن يأتي الطائف، فقال: هل من رجل عالم يخبرني عنها؟

  فقالوا: عمر بن أبي ربيعة؛ قال: لا حاجة لي به، ثم عاد فسأل، فذكروه فأباه، ثم عاد فذكروه فقال: هاتوه، وركب معه فجعل يحدّثه، ثم حوّل عمر رداءه ليصلحه على نفسه، فرأى الوليد على ظهره أثرا، فقال: ما هذا الأثر؟

  / قال: كنت عند جارية لي إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية أخرى وجعلت تسارّني بها، فغارت التي كنت عندها فعضّت منكبي، فما وجدت ألم عضّتها من لذّة ما كانت تلك تنفث في أذني حتى بلغت ما ترى، والوليد يضحك. فلما رجع عمر قيل له: ما الذي كنت تضحك به أمير المؤمنين؟ قال: ما زلنا في حديث الزّنا حتى رجع.

  وكان قد حمل الغريض معه، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنّ عندي أجمل الناس وجها وأحسنهم حديثا، فهل لك أن تسمعه؟ قال: هاته، فدعا به فقال: أسمع أمير المؤمنين أحسن شيء قلته، فاندفع يغنّي بشعر عمر - ومن الناس من يرويه لجميل -:

  صوت

  إني لأحفظ سرّكم ويسرّني ... لو تعلمين بصالح أن تذكري

  / ويكون يوم لا أرى لك مرسلا ... أو نلتقي⁣(⁣٢) فيه عليّ كأشهر

  يا ليتني ألقى المنيّة بغتة ... إن كان يوم لقائكم لم يقدر

  ما كنت والوعد الذي تعدينني ... إلَّا كبرق سحابة لم تمطر

  تقضى الدّيون وليس ينجز عاجلا ... هذا الغريم لنا وليس بمعسر

  - عروضه من الكامل. وذكر حبش أنّ الغناء للغريض، ولحنه ثقيل أوّل بالبنصر - قال: فاشتدّ سرور الوليد بذلك وقال له: يا عمر، هذه رقيتك، ووصله وكساه وقضى حوائجه.

  وصف نصيب لنفسه وللشعراء الثلاثة جميل وكثير وابن أبي ربيعة

  أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال حدّثنا الحارث بن محمد عن المدائنيّ عن عوانة قال حدّثني رجل من أهل الكوفة قال:


=

حتى إذا ما وازنوا ... بالمرختين ائتمروا

(ويلاحظ في هذه الرواية تعدي وازن بالباء وهو لا يتعدى بها). والمرختان: مثنى المرخة وهما المرخة القصوى اليمانية والمرخة الشامية (انظر «معجم ياقوت» في الكلام على المرختين).

(١) كذا في أغلب الأصول. وفي ط: «السعيدي» وقد تقدّم هذا الاسم وهذه القصة في الجزء الأوّل ص ١١٢ من هذه الطبعة ونبهنا على اختلاف النسخ فيه هناك.

(٢) في ط: «أن نلتقي».