ذكر نسب القطامي وأخباره
  وليكن شعاركم: «نحن عباد اللَّه حقّا حقّا»(١). فبيّتهم فقتل فيهم فأوجع. وانقلب عمير حين أصبح، إلى عسكره، حتى إذا أشرف على عسكره رأى ما أنكره من كثرة السّواد، / فقال لأصحابه: إني أرى شيئا ما أعرفه، وما هو بالذي خلفنا، فلما رآهم ابن بحدل قال لأصحابه: احملوا عليهم، فقتل من الفريقين جميعا(٢)، فقال ابن مخلاة:
  لقد طار في الآفاق أنّ ابن بحدل ... حميدا شفى كلبا فقرّت عيونها
  وقال منذر بن حسّان:
  وبادية الجواعر من نمير ... تنادي وهي سافر النّقاب
  تنادي بالجزيرة: يا لقيس ... وقيس بئس فتيان الضّراب
  قتلنا منهم مائتين صبرا ... وألفا بالتّلاع وبالرّوابي
  وأفلتنا هجين بني سليم ... يفدّي المهر من حبّ الإياب
  فلو لا اللَّه والمهر المفدّى ... لغودر وهو غربال الإهاب
  ثم سار عمير، وجمع لهم أكثر ممّا كان تجمّع، فأغار عليهم، فقتل منهم مقتلة، واستاق الغنائم وسبى. فلمّا سمعت كلب بإيقاعه تحمّلت من منازلها هاربة منه، فلم يبق منهم أحد في موضع يقدر عمير على الغارة عليه إلَّا أن يخوض إليهم غيرهم من الأحياء، ويخلَّف مدائن الشّام خلف ظهره، وصاروا جميعا إلى الغوير(٣)، فقال عمير في ذلك:
  بشّر بني القين بطعن شرج(٤) ... يشبع أولاد الضّباع العرج
  / ما زال إمراري لهم ونسجي ... وعقبتي للكور بعد السّرج
  حتّى اتّقونى بالظَّهور الفلج ... هل أجزين يوما بيوم المرج ... ويوم دهمان ويوم هرج
  / وقال رجل من نمير:
  أخذت نساء عبد اللَّه قهرا ... وما أعفيت نسوة آل كلب
  صبحناهم بخيل مقربات(٥) ... وطعن لاكفاء له وضرب
  يبكَّين ابن عمرو وهو تسفي ... عليه الرّيح تربا بعد ترب
  وسعد قد دنا منه حمام ... بأسمر من رماح الخطَّ صلب
  وقد قالت أمامة إذ رأتني: ... بليت وما لقيت لقاء صحب
  وقد فقدت معانقتي زمانا ... وشدّ المعصمين فويق حقب
(١) ج: حقا، دون تكرار.
(٢) س: «فقتل من الفريقين جمعا».
(٣) ج: «الغورية».
(٤) بطعن شرج: شديد، من قولهم: شرجت العيبة: شددتها بالشرج، وهي العرى: («اللسان»: شرج).
(٥) المقربة: الفرس التي تدنى وتقرب وتكرم ولا تترك.