كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر وقعة ذي قار

صفحة 229 - الجزء 24

  كسرى قد أطعمه ثلاثين⁣(⁣١) قرية على شاطئ الفرات، فأتاه⁣(⁣٢) في صنائعه من العرب الذين كانوا بالحيرة، فاستشاره في الغارة على بكر بن وائل، وقال: ماذا ترى؟ وكم ترى أن نغزيهم من الناس؟ فقال له إياس: إن الملك لا يصلح أن يعصيه⁣(⁣٣) أحد من رعيته، وإن تطعني لم تعلم أحدا⁣(⁣٤) لأيّ شيء عبرت / وقطعت⁣(⁣٥) الفرات، فيروا أنّ شيئا من أمر⁣(⁣٦) العرب قد كربك⁣(⁣٧)، ولكن ترجع وتضرب عنهم، وتبعث عليهم العيون حتى ترى غرّة⁣(⁣٨) منهم ثم ترسل حلبة⁣(⁣٩) من العجم فيها بعض القبائل التي تليهم، فيوقعون بهم وقعة الدّهر، ويأتونك بطلبتك. فقال له كسرى: أنت رجل من العرب، وبكر بن وائل أخوالك - وكانت أمّ إياس⁣(⁣١٠): أمامة بنت مسعود، أخت هانئ بن مسعود⁣(⁣١١) - فأنت تتعصّب لهم، ولا تألوهم نصحا⁣(⁣١٢). فقال إياس: رأي الملك أفضل⁣(⁣١٣) فقام إليه عمرو بن عديّ ابن زيد العباديّ - وكان كاتبه وترجمانه بالعربية، في أمور العرب⁣(⁣١٤) - فقال له: أقم⁣(⁣١٥) أيّها الملك - وابعث إليهم بالجنود يكفوك. فقام⁣(⁣١٦) إليه النّعمان بن زرعة بن هرميّ، من ولد السّفّاح التّغلبيّ، فقال⁣(⁣١٧): أيّها الملك، إنّ هذا الحيّ من بكر بن وائل إذا قاظوا⁣(⁣١٨) بذي قار تهافتوا تهافت الجراد في النّار. فعقد للنّعمان بن زرعة على تغلب والنّمر⁣(⁣١٩)، وعقد لخالد بن يزيد البهرانيّ على قضاعة وإياد، وعقد لإياس بن قبيصة على / جميع العرب، ومعه كتيبتاه الشّهباء والدّوسر، فكانت العرب ثلاثة آلاف. وعقد للهامرز على ألف من الأساورة⁣(⁣٢٠)، وعقد لخنابرين⁣(⁣٢١) على ألف، وبعث معهم بالَّلطيمة، وهي عير كانت تخرج من العراق، فيها البزّ والعطر والألطاف⁣(⁣٢٢)، توصل إلى


(١) خد: «ثمانين».

(٢) «المختار»: «فأتى».

(٣) «المختار»: «أن يغضبه».

(٤) خد: «لم يعلم أحد».

(٥) «التجريد»: «لأي شيء قطعت الفرات».

(٦) ج، س: «أن شيئا من العرب». وما أثبتناه من ف، وخد. وفي «المختار»: «أن أمر العرب» في خد و «المختار والتجريد»: «فيرون»، بالرفع. والنصب هنا أرجح بعد فاء السببية المجاب بها نفي.

(٧) خد و «التجريد»: كرشك، أي غمك.

(٨) «المختار»: «منهم غرة».

(٩) ج، خد: «حبيلة». ف: خيله. «التجريد»: خيلا. «المختار»: كتيبة.

(١٠) وكانت أم إياس ... : وردت في «المختار» بعد قوله: نصحا.

(١١) في «التجريد»: أخت هانئ. دون ذكر ابن مسعود.

(١٢) «التجريد»: «ولا تألوهم جهدا في المناصحة».

(١٣) «المختار»: «الملك أفضل رأيا».

(١٤) «في أمور العرب» لم تذكر في ف ولا «التجريد».

(١٥) ف: فقال: أقم.

(١٦) «التجريد»، ف: وقام.

(١٧) «المختار»: فقال له.

(١٨) قاظوا بالمكان: أقاموا به في الصيف.

(١٩) ف، «التجريد»: واليمن. وعند القيادة هنا على القبائل.

(٢٠) الأساوره: جمع أسوار (بضم الهمزة وكسرها) وهو الفارس المقاتل من جنود الفرس.

(٢١) في «التجريد»: وعقد لآخر. وفي «المختار»: لخنازرين، وفي ف: لخنابرزين. وفي خد: للخلابزين. «وفي معجم البلدان»:

خناير، والصواب ما أثبتنا.

(٢٢) الألطاف: جمع لطف (بفتحتين) وهو الهدية والتحفة، يقال أهدى إليه لطفا، وما أكثر تحفه وألطافه.