خبر وقعة ذي قار
  باذام(١) عامله باليمن، وقال: إذا فرغتم من عدوّكم فسيروا بها إلى اليمن، وأمر عمرو بن عديّ أن يسير بها، وكانت العرب تخفرهم وتجيرهم(٢) حتى تبلغ الَّلطيمة اليمن(٣). وعهد كسرى إليهم إذا شارفوا بلاد بكر بن وائل ودنوا منها(٤) أن يبعثوا إليهم النّعمان بن زرعة، فإن أتوكم(٥) / بالحلقة ومائة غلام منهم يكونون رهنا(٦) بما أحدث(٧) سفهاؤهم، فاقبلوا منهم، وإلَّا فقاتلوهم(٨). وكان كسرى قد أوقع قبل ذلك ببني تميم، يوم الصّفقة(٩) فالعرب وجلة خائفة منه(١٠). / وكانت حرقة بنت حسّان بن النّعمان بن المنذر يومئذ في بني سنان، هكذا في هذه الرّواية.
  وقال ابن الكلبيّ: حرقة بنت النّعمان(١١)، وهي هند، والحرقة لقب، وهذا هو الصحيح. فقالت تنذرهم:
  ألا أبلغ بني بكر رسولا ... فقد جدّ النّفير بعنقفير(١٢)
  فليت الجيش كلَّهم فداكم ... ونفسي والسّرير وذا السّرير(١٣)
  كأنّي حين جدّ بهم إليكم ... معلَّقة الذّوائب بالعبور(١٤)
  فلو أنّي أطقت لذاك دفعا ... إذن لدفعته بدمي وزيري(١٥)
  فلمّا بلغ بكر بن وائل الخبر سار هانئ بن مسعود حتى انتهى إلى(١٦) ذي قار، فنزل به، وأقبل النعمان بن زرعة، وكانت أمّه قلطف بنت النّعمان بن معد يكرب التّغلبيّ، وأمّها الشّقيقة بنت الحارث الوصّاف العجليّ(١٧)،
(١) س: بادام. «التجريد»: باذان والصواب من «معجم البلدان» (صفقة) وج وف والمختار. وراجع «الأغاني: ١٧: ٣١٨ من طبعة دار الكتب». وفي «الاشتقاق» ٢٢٦: باذام وفي الهامش عن «الصحاح» - بالنون.
(٢) «التجريد»: وكانت العرب تخفر اللطيمة وتجيزها.
(٣) «المختار»: إلى اليمن.
(٤) «ودنوا منها»: لم تذكر في خد ولا في ف.
(٥) ف، ج خد. «التجريد»: فإن اتقوكم. وله وجه، ولكن الأرجح أتوكم بدليل ما سيأتي بعد في كلام النعمان بن زرعة فادفعوها وادفعوا رهنا. وفي س و «المختار» وبيروت «: أتوكم.
(٦) «التجريد»: رهناء.
(٧) «التجريد»، خد: بما أخذت.
(٨) خد: ف، وإلا قاتلوهم. «التجريد»: ولا تقاتلوهم.
(٩) راجع «يوم الصفة» في «الأغاني: ١٧: ٣١٨ من طبعة دار الكتب» وما بعدها.
(١٠) ج: منهم.
(١١) «اللسان» (حرق): وحريق بن النعمان بن المنذر، وحرقة بنته قال:
نقسم باللَّه نسلم الحلقة ... ولا حريقا وأخته الحرقة
(١٢) العنقفير: الداهية من دواهي الزمان.
(١٣) عبرت بالسرير هنا عن الملك والنعمة.
(١٤) العبور أو الشعري العبور: كوكب نير يكون في الجوزاء، سميت عبورا لأنها عبرت المجرة.
الذوائب: جمع ذؤابة وهي شعر مقدم الرأس.
(١٥) الزير: الوتر الدقيق، وتعني هنا أوتار القلب أو العروق بعامة. وفي خد، ف: ويرى والرير: المخ الفاسد أو السائل.
(١٦) «المختار»: «حتى نزل بذي قار».
(١٧) الحارث بن مالك هو الوصاف العجلي (الاشتقاق ٣٤٥) وفي س، ج، وبيروت: الحارث بن الوصاف. وما أثبتناه من خد، ف و «الاشتقاق». وفي خد؛ الشفيقة.