خبر وقعة ذي قار
  حتى نزل على ابن أخته(١) / مرّة بن عمرو(٢) بن عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه(٣) بن قيس(٤) بن سعد بن عجل، فحمد اللَّه النّعمان وأثنى عليه ثم قال: إنّكم أخوالي وأحد طرفيّ، وإنّ الرائد لا يكذب أهله، وقد أتاكم ما لا قبل لكم به من أحرار فارس، وفرسان العرب، والكتيبتان: الشّهباء(٥) والدّوسر، وإن في هذا الشّرّ(٦) خيارا. ولأن يفتدى بعضكم بعضا خير من أن تصطلموا(٧)، فانظروا هذه الحلقة فادفعوها وادفعوا رهنا من أبنائكم إليه بما أحدث(٨) سفهاؤكم. فقال له القوم: ننظر في أمرنا. وبعثوا إلى من يليهم من بكر بن وائل، وبرزوا ببطحاء ذي قار بين الجلهتين.
  قال الأثرم: جلهة الوادي: ما استقبلك منه واتّسع لك(٩). وقال ابن الأعرابيّ: جلهة الوادي: مقدّمه، مثل جلهة الرأس إذا ذهب شعره، يقال: رأس أجله.
  أبيات للعباس بن مرداس
  قال: وكان مرداس بن أبي عامر السّلميّ مجاورا فيهم يومئذ، فلمّا رأى الجيوش قد أقبلت إليهم حمل عياله فخرج عنهم، وأنشأ يقول يحرّضهم بقوله:
  أبلغ سراة بني بكر مغلغلة ... إنّي أخاف عليهم سربة الدّار(١٠)
  / إنّي أرى الملك الهامرز منصلتا ... يزجي جيادا وركبا غير أبرار(١١)
  لا تلقط البعر الحوليّ نسوتهم ... للجائزين على أعطان ذي قار(١٢)
  فإن أبيتم فإنّي رافع ظعني ... ومنشب في جبال اللَّوب أظفاري(١٣)
(١) خد: «ابن أخيه».
(٢) «المختار»: مرة بن عبد اللَّه.
(٣) «المختار»: معاوية بن عبد بن سعيد. ف: معاوية بن سعد: خد: معاوية بن سعيد.
(٤) «بن قيس»: من خد، ف، «المختار». ولم ترد في س ولا ج.
(٥) ج: والشهباء.
(٦) ج، س: وإن في الشر.
(٧) اصطلم القوم بالبناء للمجهول: استؤصلوا.
(٨) خد: من أبنائكم بما أخذت.
(٩) خد، ف: واتسع منه.
(١٠) المغلغلة: الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد، أو الرسالة مطلقا. ف: أخاف عليكم ج، س: سرية الواري، والسرية على هذا تكون الاستخفاء فالواري أي السارب المتواري «اللسان» أو تكون السربة جماعة الخيل المغيرة. والواري: الملتهب. وعلى الرواية الواردة في النسخ الأخرى تكون السربة كما جاء في «اللسان» أيضا: بعيد المذهب في الأرض، واستشهد ببيت الشنفري:
خرجنا من الوادي الذي بين مشعل ... وبين الجبا هيهات أنسأت سربتي
أي: ما أبعد الموضع الذي ابتدأت منه مسيرها. وتكون السربة بمعنى السرعة في قضاء الأمر، يقال: إنه لقريب السربة أي قريب المذهب، أي أنه يخاف عليهم الهجوم القريب المتوقع.
(١١) س: غير أعرار. والأعرار: جمع عر وهو الغلام. وفي ج: غير أعيار، والأعيار: جمع عير بالفتح، ومن معانيه: الحمار الوحشي.
والمنصلت: المسرع من كل شيء.
(١٢) ج: لا يلقك بدل لا تلقط. خد: لاقطهم، بدل نسوتهم.
(١٣) الظعن: الظاعنون أي المرتحلون. والظعن جمع ظعينة أي الجمل الذي يركب في الرحلة لنجعة أو تحول، كما تسمى المرأة في هودج على جمل ظعينة ومنشب من أنشب أظفاره أي غرسها وأعلقها