كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر وقعة ذي قار

صفحة 233 - الجزء 24

  لهم أخرى أكبر ممّا كان يجيء⁣(⁣١)، فقالوا: لقد جاء سيّدنا، فإذا رجل أصلع الشعر، عظيم البطن، مشرب حمرة، فإذا هو حنظلة بن ثعلبة بن سيّار بن حييّ⁣(⁣٢) بن حاطبة بن الأسعد بن جذيمة بن سعد بن عجل، فقالوا: يا أبا معدان، قد طال انتظارنا، وقد كرهنا أن نقطع أمرا دونك، وهذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاءنا، والرائد لا يكذب أهله، قال: فما الَّذي أجمع عليه رأيكم، واتّفق عليه ملؤكم؟ قالوا: قال: إن اللَّخي أهون من الوهي⁣(⁣٣) وإنّ في الشرّ خيارا، ولأن يفتدي بعضكم بعضا خير من أن تصطلموا⁣(⁣٤) جميعا.

  قال حنظلة: فقبّح اللَّه هذا رأيا، لا تجرّ أحرار فارس غرلها⁣(⁣٥) ببطحاء ذي قار وأنا أسمع الصوت⁣(⁣٦). ثم أمر بقبّته فضربت بوادي ذي قار، ثم نزل ونزل الناس فأطافو به، ثم قال لهانئ بن مسعود: يا أبا أمامة، إن ذمّتكم ذمّتنا عامّة، وإنّه لن يوصل إليك / حتى تفنى أرواحنا، فأخرج هذه الحلقة ففرّقها بين قومك، فإن تظفر⁣(⁣٧) فستردّ عليك، وإن تهلك فأهون مفقود.

  فأمر بها فأخرجت، ففرقها بينهم، ثم قال حنظلة للنعمان: لولا أنّك رسول لما أبت إلى قومك سالما. فرجع النعمان إلى أصحابه فأخبرهم بما ردّ عليه القوم، فباتوا ليلتهم مستعدّين للقتال، وباتت بكر بن وائل يتأهّبون للحرب.

  فلمّا أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم، وأمر حنظلة بالظعن⁣(⁣٨) جميعا فوقفها خلف النّاس، ثم قال: يا معشر⁣(⁣٩) بكر بن وائل، قاتلوا عن ظعنكم أو دعوا⁣(⁣١٠)، فأقبلت الأعاجم يسيرون على تعبئة، فلمّا رأتهم⁣(⁣١١) بنو قيس ابن ثعلبة انصرفوا فلحقوا بالحيّ⁣(⁣١٢) فاستخفوا فيه، فسمّي: «حيّ⁣(⁣١٣) بني قيس بن ثعلبة» قال: وهو⁣(⁣١٤) على موضع خفيّ فلم يشهدوا ذلك اليوم.

  وكان⁣(⁣١٥) ربيعة بن غزالة السّكونيّ، ثم التّجيبيّ، يومئذ هو⁣(⁣١٦)، وقومه / نزولا في بني شيبان، فقال: يا بني


(١) ف: أكبر منها ومما كان يجيء.

(٢) خد، ف: «بن حيي العجلي». ولم يذكر بن حاطبة ... وقد جاء تفصيل هذا النسب في النسختين فيما سبق.

(٣) في «اللسان»: ألخيته مالا: أعطيته، ولعل فيها أيضا لخيته ثلاثيا. والوهي: الضعف والهلاك والمعنى إعطاء المال خير من الهزيمة ولم ترد هذه الجملة في خد ولا ف. وعبار ف: قال قلنا إن في الشر ...

(٤) خد، ف: «نصطلم».

(٥) الغرل جمع غرلة وهي القلفة وفي بعض النصوص: أرجلها بدل غرلها. والمراد أنه لا يحتمل إهانة هجوم الفرس.

(٦) «المختار»: «صوتا».

(٧) خد، و «المختار»: نظفر، ونهلك بالنون. والنقط غير واضحة في ف.

وما أثبتناه من س و «التجريد»، ويدل عليه عبارة «معجم البلدان»: (قار): إن ظفروا بك العجم أخذوها هي وغيرها، وإن ظفرت أنت بهم رددتها.

(٨) الظعن جمع ظعين، وهي المرأة في الهودج.

(٩) «المختار»: يا معشر بني بكر.

(١٠) لم تذكر في «التجريد».

(١١) ف: فلما رأوه بنو قيس.

(١٢) «المختار»، بالخباء ... وفي خد: بالخبى.

(١٣) ف، «المختار»: خباء، خد: خبى.

(١٤) «المختار»، خد، ف: وهو موضع.

(١٥) ج: وكانت.

(١٦) «المختار»: وهو وقومه يومئذ.