كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المتنخل ونسبه

صفحة 255 - الجزء 24

  بالسّرو، وقد لصقت سيوفهم بأغمادهم⁣(⁣١) من الدّم، / فوجدوا إياس بن المقعد في الدّار، وكان سيدا، فقال: من أين أقبلتم؟ فقالوا: أتينا بني حوف، فدعا لهم⁣(⁣٢) بطعام وشراب، حتى إذا أكلوا وشربوا⁣(⁣٣) دلَّهم على الطريق وركب معهم، حتى أخذوا سنن قصدهم، فأتوا بني حوف، وإذا هم قد اجتمعوا مع بطن من فهم للرّحيل عن دارهم، فلقيهم أول من الرّجال على الخيل⁣(⁣٤) فعرفوهم، فحملوا عليهم وأطردوهم ورموهم، فأثبتوا⁣(⁣٥) أثيلة جريحا ومضوا لطيّتهم. وعاد إليه أصحابه فأدركوه ولا تحامل به، فأقاموا عليه حتى مات، ودفنوه في موضعه.

  / فلمّا رجعوا سألهم عنه المتنخّل⁣(⁣٦)، فدامجوه⁣(⁣٧) وستروه.

  يعلم بمقتل ابنه ويرثيه

  : ثم أخبره بعضهم بخبره، فقال يرثيه:

  ما بال عينك تبكي دمعها خضل ... كما وهي سرب الأخراب منبزل⁣(⁣٨)

  لا تفتأ الدهر من سحّ بأربعة ... كأنّ إنسانها بالصّاب مكتحل⁣(⁣٩)

  تبكي على رجل لم تبل جدّته ... خلَّى عليها فجاجا بينها خلل⁣(⁣١٠)

  وقد عجبت وهل بالدّهر من عجب ... أنّي قتلت وأنت الحازم البطل؟⁣(⁣١١)

  ويل أمّه رجلا تأبى به غبنا ... إذا تجرّد لا خال ولا بخل⁣(⁣١٢)


(١) خد، ف: «بأغمادها».

(٢) ج: «فدعاهم بطعام».

(٣) لم تذكر في خد، ف.

(٤) ف «فلم يلتفت إلا والرجال على الخيول».

(٥) أي قيدوه.

(٦) خد، ف: «سألهم المتنخل عن خبره».

(٧) دامجه وداجاه: جامله ووافقه على ما في نفسه، وكتم عنه ما يضايقه.

(٨) ويروى: الأخرات. وفي س: الأجداث.

وبعد هذا البيت في خد شرح نصه: «الأخراب: جمع خربة وهي عروة المزادة».

ورواية «الديوان» ١٢٨٠: الأخرات. وفي الشرح: السرب: السائل يكون فيه وهي فينسرب الماء منه، والأخرات: جمع خرت، وهو الثقب، ومن قال الأخراب فأراد العرى، واحدتها خربة والعروة خرز حولها يقال لها الكلية. ومن قال الأخرات، فكل خرت خرق. يقول: مبتلة تبل كل شيء من كثرة دموعها.

(٩) الصاب: شجرة إذا ذبحت يخرج منها لبن إذا أصاب شيئا أحرقه، وإذا أصاب العين انهملت.

(١٠) «شرح أشعار الهذليين»: عليك بدل: عليا والضمير هنا للعين وفيه:

«لم تبل جدته»

: لم يستمتع به، مات شابا، يقول: لم يتمل به.

«فجاجا بينها سبل»

يقول: كان يسد عنك كل مسد من المكروه، فلما مات خلى عليك فجاجا بينا سبل سلك عليها من الشر.

(١١) ف: أخر هذا البيت عن البيت التالي. ف: وأنت الفارس. وفي «شرح الديوان»:

وما بالدهر

بدل: وهل.

(١٢) «ويل أمه رجلا»: كلمة يتعجب بها، ولا يراد بها الدعاء عليه. «لا خال ولا بخل» أي لا مخيلة ولا بخل، يقال: بخيل بين البخل والبخل.

وفي «اللسان» (خيل): رجل خآل أي مختال، ومنه قوله:

إذا تحرد لا خآل ولا بخل

وضبط بخل (بفتح فكسر) ضبط قلم. وفيه: تحرد بدل: تجرد وفي مخطوط ف: لا نكس ولا بخل والنكس: الجبان. وفي س:

عبثا بدل: غبنا.