أخبار المتنخل ونسبه
  بالسّرو، وقد لصقت سيوفهم بأغمادهم(١) من الدّم، / فوجدوا إياس بن المقعد في الدّار، وكان سيدا، فقال: من أين أقبلتم؟ فقالوا: أتينا بني حوف، فدعا لهم(٢) بطعام وشراب، حتى إذا أكلوا وشربوا(٣) دلَّهم على الطريق وركب معهم، حتى أخذوا سنن قصدهم، فأتوا بني حوف، وإذا هم قد اجتمعوا مع بطن من فهم للرّحيل عن دارهم، فلقيهم أول من الرّجال على الخيل(٤) فعرفوهم، فحملوا عليهم وأطردوهم ورموهم، فأثبتوا(٥) أثيلة جريحا ومضوا لطيّتهم. وعاد إليه أصحابه فأدركوه ولا تحامل به، فأقاموا عليه حتى مات، ودفنوه في موضعه.
  / فلمّا رجعوا سألهم عنه المتنخّل(٦)، فدامجوه(٧) وستروه.
  يعلم بمقتل ابنه ويرثيه
  : ثم أخبره بعضهم بخبره، فقال يرثيه:
  ما بال عينك تبكي دمعها خضل ... كما وهي سرب الأخراب منبزل(٨)
  لا تفتأ الدهر من سحّ بأربعة ... كأنّ إنسانها بالصّاب مكتحل(٩)
  تبكي على رجل لم تبل جدّته ... خلَّى عليها فجاجا بينها خلل(١٠)
  وقد عجبت وهل بالدّهر من عجب ... أنّي قتلت وأنت الحازم البطل؟(١١)
  ويل أمّه رجلا تأبى به غبنا ... إذا تجرّد لا خال ولا بخل(١٢)
(١) خد، ف: «بأغمادها».
(٢) ج: «فدعاهم بطعام».
(٣) لم تذكر في خد، ف.
(٤) ف «فلم يلتفت إلا والرجال على الخيول».
(٥) أي قيدوه.
(٦) خد، ف: «سألهم المتنخل عن خبره».
(٧) دامجه وداجاه: جامله ووافقه على ما في نفسه، وكتم عنه ما يضايقه.
(٨) ويروى: الأخرات. وفي س: الأجداث.
وبعد هذا البيت في خد شرح نصه: «الأخراب: جمع خربة وهي عروة المزادة».
ورواية «الديوان» ١٢٨٠: الأخرات. وفي الشرح: السرب: السائل يكون فيه وهي فينسرب الماء منه، والأخرات: جمع خرت، وهو الثقب، ومن قال الأخراب فأراد العرى، واحدتها خربة والعروة خرز حولها يقال لها الكلية. ومن قال الأخرات، فكل خرت خرق. يقول: مبتلة تبل كل شيء من كثرة دموعها.
(٩) الصاب: شجرة إذا ذبحت يخرج منها لبن إذا أصاب شيئا أحرقه، وإذا أصاب العين انهملت.
(١٠) «شرح أشعار الهذليين»: عليك بدل: عليا والضمير هنا للعين وفيه:
«لم تبل جدته»
: لم يستمتع به، مات شابا، يقول: لم يتمل به.
«فجاجا بينها سبل»
يقول: كان يسد عنك كل مسد من المكروه، فلما مات خلى عليك فجاجا بينا سبل سلك عليها من الشر.
(١١) ف: أخر هذا البيت عن البيت التالي. ف: وأنت الفارس. وفي «شرح الديوان»:
وما بالدهر
بدل: وهل.
(١٢) «ويل أمه رجلا»: كلمة يتعجب بها، ولا يراد بها الدعاء عليه. «لا خال ولا بخل» أي لا مخيلة ولا بخل، يقال: بخيل بين البخل والبخل.
وفي «اللسان» (خيل): رجل خآل أي مختال، ومنه قوله:
إذا تحرد لا خآل ولا بخل
وضبط بخل (بفتح فكسر) ضبط قلم. وفيه: تحرد بدل: تجرد وفي مخطوط ف: لا نكس ولا بخل والنكس: الجبان. وفي س:
عبثا بدل: غبنا.