أخبار يحيى بن طالب
  حتى أتى شعبعب، وصار إلى الحوض والعطن، وأناخ راحلته، وقال لي: أنخ(١)، فأنخت، ونزل فنظر إلى شعبعب وقرقرى ساعة، ثم اضطجع بين الحوض والعطن اضطجاعة(٢)، ويده(٣) تحت خدّه، ثم قام فركب(٤)، فقلت: يا أبت ما أردت بهذا؟ فقال: يا جاهل، أما سمعت قول يحيى بن طالب:
  هل أجعلنّ يدي للخدّ مرفقة ... على شعبعب بين الحوض والعطن
  أفليس عجزا أن نكون قد أتينا عليهما وهما أمنية المتمنّي(٥) فلا ننال ما تمنّاه منهما، وقد قدرت(٦) عليه؟
  فجعلت أعجب من قوله وفعله.
  في سبيل اللَّه يحيى بن طالب
  أخبرنا(٧) محمد بن جعفر النحويّ قال: حدّثني طلحة بن عبد اللَّه الطَّلحيّ قال: حدّثنا أبو العالية عن رجل من بني حنيفة قال:
  / كان يحيى بن طالب جوادا، شاعرا جميلا، حمّالا لأثقال قومه ومغارمهم، سمحا(٨) يقرى الأضياف، ما تشاء أن ترى في فتى خصلة جميلة إلا رأيتها فيه. فدخلت عليه وهو في آخر رمق(٩)، فسألته عن خبره، وسلَّيته وقلت له ما طابت به نفسه، ثم أنشدني قوله(١٠):
  ما أنا كالقول الذي قلت إن زوى(١١) ... محلَّي عن مالي حذار النّوائب
  بمنزلة بين الطريقين قابلت ... بوادي كحيل كلّ ماش وراكب(١٢)
  حللت على رأس اليفاع ولم أكن ... كمن لاذ من خوف القرى بالحواجب
  فلا تسأل الضّيفان من هم وأذنهم ... هم الناس من معروف وجه وجانب
  وقولوا إذا ما الضّيف حلّ بنجوة ... ألا في سبيل اللَّه يحيى بن طالب
  قال أبو العالية: كحيل: نخل بناخية فران(١٣) دون قرقرى، وهناك كان منزل يحيى بن طالب(١٤).
(١) «المختار»: «أنخ راحلتك».
(٢) «المختار»: «ساعة».
(٣) «المختار»: «وجعل يده ...».
(٤) «المختار»: «ليركب».
(٥) «المختار»: «أتيناهما وعبرنا عليهما. وهما منيتا المتمني».
(٦) خد، و «المختار»: «قدرنا».
(٧) خد: «أخبر».
(٨) «سمحا»: لم تذكر في ج، س.
(٩) خد: «رمقه».
(١٠) «قوله»: لم تذكر في ج.
(١١) س: «روى».
(١٢) كحيل: في خد: طحيل. «كل ماش»: في ج، س: «كلما عن».
(١٣) ج، قزان. خد: قران. وفي «معجم البلدان»: فران «بفتح أوله وتخفيف ثانيه وأخره نون». وذكرها في حرف الفاء.
(١٤) كتب صحيحا في خد، وكتب فيها من قبل ابن أبي طالب.