أخبار عروة بن حزام
  هذا المكان أبدا، وخرج وتركه مع عفراء يتحدّثان(١). وأوصى خادما له بالاستماع عليهما، وإعادة ما تسمعه(٢) منهما عليه، فلمّا خلوا تشاكيا ما وجدا(٣) بعد الفراق، فطالت الشّكوى، وهو يبكي أحرّ بكاء، ثم أتته بشراب وسألته أن يشربه، فقال: واللَّه ما دخل جوفي حرام قطَّ، ولا ارتكبته منذ كنت، ولو استحللت حراما لكنت(٤) قد استحللته منك، فأنت(٥) حظَّي من الدّنيا، وقد ذهبت منّي، وذهبت بعدك فما أعيش! / وقد أجمل هذا الرجل الكريم وأحسن، وأنا مستحيى(٦) منه، وو اللَّه لا أقيم بعد علمه مكاني(٧)، وإنّي عالم(٨) أنّي أرحل(٩) إلى منيّتي. فبكت وبكى، وانصرف.
  الآن قد يئست:
  فلما جاء زوجها أخبرته(١٠) الخادم بما دار بينهما(١١)، فقال: يا عفراء، امنعي ابن عمّك من الخروج، فقالت: لا يمتنع، هو واللَّه أكرم وأشد حياء من أن يقيم بعد ما جرى بينكما، فدعاه وقال له: يا أخي(١٢)، اتّق اللَّه في نفسك، فقد عرفت خبرك، وإنّك إن رحلت(١٣) تلفت، وو اللَّه لا أمنعك من الاجتماع معها أبدا(١٤)، ولئن(١٥) شئت لأفارقنّها(١٦) ولأنزلنّ(١٧) عنها لك. فجزاه خيرا، وأثنى عليه، وقال: إنما كان الطَّمع فيها آفتي، والآن قد(١٨) يئست، وقد(١٩) حملت نفسي على اليأس(٢٠) والصّبر، فإنّ اليأس يسلي(٢١)، ولي أمور، / ولا بدّ لي من رجوعي(٢٢) إليها، فإن وجدت من نفسي(٢٣) قوّة على(٢٤) ذلك، وإلا
(١) «المختار»: يتحادثان.
(٢) خد، «التجريد»: ما يسمعه.
(٣) «التجريد»: من، بدل: بعد.
(٤) في «المختار»: «كنت قد».
(٥) خد: «وأنت».
(٦) من ج، خد، س، «والمختار»: وفي «التجريد»: «أستحى» وفي «بيروت»: «أستحيي».
(٧) خد: «بمكاني».
(٨) خد: «لعالم»، «التجريد»: «أعلم».
(٩) «المختار»: «راحل».
(١٠) خد، «التجريد»: «أخبره».
(١١) خد: «بما جرى بينهما»، «المختار»: «بما كان منهما».
(١٢) ج: «يا أخ».
(١٣) خد: وإن رحلت «،» التجريد «:» فإنك إن رحلت.
(١٤) «أبدا»: لم تذكر في «التجريد».
(١٥) في «المختار»: «وإن».
(١٦) «التجريد»: «فارقتها».
(١٧) «التجريد»: «وأنزل».
(١٨) «قد»: لم تذكر في خد.
(١٩) قد: لم تذكر في ج، خد، س، «المختار».
(٢٠) «اليأس»: من «المختار»، ويدل عليها قوله بعد. فإن اليأس يسل.
(٢١) «التجريد»: «مسل».
(٢٢) خد و «التجريد»: «الرجوع».
(٢٣) ج، س، «المختار»: بي، بدل: من نفسي. وفي «التجريد»: «في نفسي».
(٢٤) ج: «إلى».