كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحكم بن عبدل ونسبه

صفحة 607 - الجزء 2

  وأعسر أحيانا فتشتدّ عسرتي ... وأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي

  فقال لها ابن عبدل - وكان قريبا منها -: يا أخيّا، أتعرفين قائل هذا الشعر؟ قالت: نعم، ابن عبدل الأسديّ، قال: أفتثبتينه معرفة؟ قالت: لا؛ قال: فأنا هو، وأنا الذي أقول:

  وأنعظ أحيانا فينقدّ جلده ... وأعذله⁣(⁣١) جهدي فلا ينفع العذل⁣(⁣٤)

  وأزداد نعظا حين أبصر جارتي ... فأوثقه كيما يثوب⁣(⁣٢) له عقل

  وربّتما لم أدر ما حيلتي له ... إذا هو آذاني وغرّ به الجهل

  فآويته في بطن جاري وجارتي ... مكابرة قدما⁣(⁣٣) وإن رغم البعل

  فقالت له المرأة: بئس واللَّه الجار للمغيبة⁣(⁣٤) أنت، فقال: إي واللَّه، وللتي معها زوجها وأبوها / وابنها وأخوها.

  قدم على ابن هبيرة مستجديا فأعطاه بعد إلحاح ما أراد

  أخبرني محمد بن زكريّا الصّحّاف⁣(⁣٥) قال حدّثنا قعنب بن المحرز الباهليّ قال حدّثنا الهيثم بن عديّ وأخبرني به حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني عليّ بن الحسن قال حدّثني أبو خالد الخزاعيّ الأسلميّ عن الهيثم بن عديّ عن ابن عيّاش قال:

  قدم الحكم بن عبدل الشاعر الكوفيّ واسطا⁣(⁣٦) على ابن هبيرة وكان بخيلا، فأقبل حتى وقف بين يديه ثم قال:

  أتيتك في أمر من امر عشيرتي ... وأعيا⁣(⁣٧) الأمور المفظعات⁣(⁣٨) جسيمها

  فإن قلت لي في حاجتي أنا فاعل ... فقد ثلجت نفسي وولَّت همومها

  قال: أنا فاعل إن اقتصدت، فما حاجتك؟ قال: غرم لزمني في حمالة⁣(⁣٩)؛ قال: وكم هي؟ قال: أربعة آلاف، قال: نحن مناصفوكها، قال: أصلح اللَّه الأمير، / أتخاف عليّ التّخمة إن أتممتها؟ قال: أكره أن أعوّد الناس هذه العادة؛ قال: فأعطني جميعها سرّا وامنعني جميعها ظاهرا حتى تعوّد الناس المنع وإلَّا فالضرر عليك واقع إن عوّدتهم نصف ما يطلبون؛ فضحك ابن هبيرة وقال: ما عندنا غير ما بذلناه لك؛ فجثا بين يديه وقال: امرأته طالق


(١) كذا في أ، م، ح. وفي باقي النسخ: «وأعزله» بالزاي وهو تحريف.

(٢) كذا في ط. وفي باقي الأصول: «يكون».

(٣) القدم (بضمتين وسكنت الدال لضرورة الشعر): المضيّ الإقدام.

(٤) المغيبة: التي غاب عنها زوجها.

(٥) الصحاف كشدّاد: بائع الصحف أو صانعها.

(٦) واسط: بلد خطه الحجاج بين البصرة والكوفة، يصرف ولا يصرف.

(٧) كذا في أ، م. وفي ط: «أغنى». وفي باقي الأصول: «أعمى» وكلاهما تحريف.

(٨) كذا في ط. وفي باقي الأصول: «المقطعات».

(٩) الحمالة: الكفالة، أي الضمان.