كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن مصعب ونسبه

صفحة 351 - الجزء 24

  إذ لا يوطَّن عبد اللَّه مهجته ... على النّزال ولا لصّا بنى حمل

  قال: وهذا الشّعر لفروة بن حميصة فيّ. قال: فدخلني من ذلك ما اللَّه يعلمه⁣(⁣١)، وما ظننت أنّ شعر فروة وقع إلى من هنالك⁣(⁣٢)، ثم خرج عليّ بن هشام من المجلس وهو يضحك، فقلت: يا أبا الحسن، أتفعل بي مثل هذا وأنا صديقك؟ فقال: ليس عليك في هذا شيء، فقلت: من أين وقع إليك شعر فروة؟⁣(⁣٣) قال: وهل بقي كتاب إلا وهو عندي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين،⁣(⁣٤) أهجى في دارك وبحضرتك؟ فضحك، فقلت: يا أمير المؤمنين⁣(⁣٤) أنصفني، فقال: دع هذا وأخبرني بخبر هذا الرجل، وما كان بينك وبينه فأنشدته قصيدتي فيه، فلما انتهيت إلى قولي:

  /

  ما في السّوية أن تجرّ عليهم ... وتكون يوم الرّوع أوّل صادر

  أعجب المأمون هذا البيت فقال لي، المأمون: ألهذه القصيدة نقيضة؟ قلت: نعم، قال: فهاتها، فقلت له:

  أؤذي سمعي بلساني؟ فقال: عليّ ذلك، فأنشدته إياها، فلما بلغت إلى قوله:

  وابن المراغة جاحر⁣(⁣٥) من خوفنا ... باد بمنزلة⁣(⁣٦) الذّليل الصّاغر

  يخشى الرّياح بأن تكون طليعة ... أو أن تحلّ به عقوبة قادر⁣(⁣٧)

  فقال لي. أوجعك يا عمارة، فقلت: ما أوجعته به أكثر.

  بيت من شعره يقضي على منافسه فروة

  أخبرني محمد قال: حدّثني الحسن قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن آدم قال: حدّثني عمارة قال: إنما قتل فروة قولي له:

  ما في السّويّة أن تجرّ عليهم ... وتكون يوم الرّوع أوّل صادر

  فلما أحاطت به طيّئ وقد كان في معاذ وموئل، وكان كثير الظَّفر بهم⁣(⁣٨) كثير العفو عمّن قدر عليه منهم، فقالوا له: واللَّه لا عرضنا لك ولا أوصلنا إليك سوءا فامض لطيّتك⁣(⁣٩) ولكنّ الوتر معك فإن لنا فيهم ثأرا، فقال فروة: فأنا إذا كما قال ابن المراغة:

  ما في السّويّة أن تجرّ عليهم ... وتكون يوم الرّوع أوّل صادر

  / فلم يزل يحمي أصحابه وينكي⁣(⁣١٠) في القوم حتى اضطرّهم إلى قتله، وكان جمعهم أضعاف جمعه⁣(⁣١١).


(١) ب. س. خد: «ما قد علمه اللَّه».

(٢) ب، س، خد: «وقع إلى ما هناك».

(٣) «شعر فروة»: تكملة من ف.

(٤ - ٤) تكملة من ف.

(٥) ب: «جاحد».

(٦) ب، س، خد:

«بالوشم منزلة الذليل الصاغر»

(٧) ب، س: «بادر».

(٨) خد: «وكان كريم الظفر فيهم».

(٩) ب، س: «لكلمتك».

(١٠) نكى العدو وفيه نكاية: قتل وجرح.

(١١) «المختار»: «وكان جمعهم مثل جمعه أضعافا».