أخبار عبد الله بن مصعب ونسبه
  علام نزار الخيل تفأى رؤسنا(١) ... وقد أسلمت مع النّبيّ نزار؟
  وهي أبيات قالها حين قتلهم أبو الرّازي - وكان عمارة قد خرج من عند المأمون فنظر إلى رؤوس أصحابه، فدخل فأنشد هذا البيت - قال: وأكره أن تتبعك(٢) نفسي أمير المؤمنين فيجد على من كلمه فيك، فعليك بعمرو بن مسعدة وأبي عبّاد فإنّهما يكتبان(٣) بين يدي أمير المؤمنين، ويخلوان معه ويمازحانه، فأتيت أبا عبّاد / فذكرت له التشوّق(٤) إلى العيال، وسألته الاستئذان، فصاح في وجهي وقال: مقامك أحبّ إلى أمير المؤمنين من ظعنك، وما أفعل ما يكرهه(٥) فذهبت من فوري إلى عمرو بن مسعدة، فدخلت عليه وهو يختضب، فشكوت إليه الأمر فقال:
  يا أبا عقيل، لقد أذنت لك في ساعة ما أظهر فيها لأحد، ولي حاجة، قلت: وما هي؟ قال: ألف درهم تجعل لك في كيس تشتري بها عبدا يؤنسك في طريقك، ولست أقصّر فيما تحبّ. فتلعثمت ساعة وتلكأت، فقال: حقّا، لئن لم تأخذها لا كلمتك، فأخذتها وانصرفت وأنا أقول:
  عمرو بن مسعدة الكريم فعاله ... خير وأمجد من أبي عبّاد
  من لم يزمزم والداه ولم يكن ... بالرّيّ علج بطانة وحصاد(٦)
  بصّرته سبل الرّشاد فما اهتدى ... لسبيل مكرمة ولا لرشاد(٧)
  وعرفت إذ علقت يدي بعنانه ... أنّي علقت عنان غير جواد
  (٨) لو كان يعلم إذ يشيح تحرّقي ... في كلّ مكرمة ولين قيادي
  عرف المصدّق رأيه أني امرؤ ... يفني العطاء طرائفي وتلادي(٨)
  وأصون عرضي بالسّخاء إن غدت ... غبر المحاجر شعّثا أولادي
  أبو حاتم السجستاني يراجعه في اللغة
  أخبرني محمد بن يحيى قال: حدّثنا العنزي قال: حدّثني سلم بن خالد قال:
  / أنشد عمارة قصيدة له، فقال فيها: الأرياح والأمطار، فقال له أبو حاتم السّجستاني: هذا لا يجوز، إنّما هو الأرواح، فقال:
  لقد جذبني إليها طبعي، فقال له أبو حاتم: قد اعترضه علمي، فقال: أما تسمع قولهم(٩): رياح؟ فقال له أبو حاتم: هذا خلاف ذلك، قال: صدقت، ورجع(١٠).
(١) فأي رأسه: فلقة. وفي ب، س: «تفأى رؤسها».
(٢) خد: «وأكره أن معك نفس أمير المؤمنين ...».
(٣) خد: «يكثران».
(٤) خد؛ «الشوق».
(٥) خد: «ما يكره أمير المؤمنين».
(٦) ف:
... بظارة وحصاد»
(٧) ب، س، خد:
«فما انتهى»
بدل:
«فما اهتدى».
«ولا إرشاد»
بدل:
«لرشاد»
(٨ - ٨) تكملة من ف، خد.
(٩) خد: «قولي».
(١٠) ذكر «اللسان» (روح) و «المصباح» هذه الحكاية وصوب جمع ريح على أرياح.