أخبار عبد الله بن مصعب ونسبه
  فقالوا له: قطع اللَّه رحمك وأهانك وأذلَّك، أتقدّم غلاما من ربيعة على شيخ من بني تميم، تميم بن خزيمة، وهو مع ذلك من بيت تميم؟ ولاموه، فقال:
  /
  صهوا يا تميم إنّ شيبان وائل ... بطرفهم عنكم أضنّ وأرغب(١)
  أأن سمت برذونا بطرف غضبتم ... علىّ وما في السّوق والسّوم مغضب
  فإن أكرمت أو أنجبت أمّ خالد ... فزند الرّياحيّين أورى وأثقب(٢)
  قال: ثمّ حدّثنا عمارة قال: قال لي عليّ بن هشام - وفيه عصبيّة على العرب -: قد علمت مكانك منّي، وقيامي بأمرك، حتى قرّبك أمير المؤمنين المأمون، والمائة(٣) الألف التي وصلتك أنا سببها، وهاهنا من بني عمّك من هو أقرب إليك، وأجدر أن يعينني على ما قبل(٤) أمير المؤمنين لك، فقلت: ومن هو؟ قال: تميم بن خزيمة، قال: قلت: إيه، قال: وخالد بن يزيد بن مزيد، قلت: سآتيهما، فبعث معي شاكريّا(٥)، من شاكريّته، حتى وقف بي على باب تميم، فلمّا نظر إليّ غلمانه أنكروا أمري(٦) فدنا الشّاكريّ فقال: أعلموا الأمير أنّ على الباب ابن جرير الشّاعر جاء(٧) مسلمّا فتوانوا، وخرج غلام أعرف أنه غلام الأمير، فحجبني(٨)، فدخلني من ذاك ما اللَّه به عالم، فقلت للشّاكريّ: أين منزل خالد؟ فقال: اتبعني فما كان إلا قليلا حتى وقف بي على بابه، ودخل بعض غلمانه يطلب الإذن، فما كان إلا قليلا حتى خرج في قميصه وردائه، يتبعه حشمه. فقال لي بعض القوم: هذا خالد / قد أقبل إليك، قال: فأردت أن أنزل إليه، فوثب وثبة فإذا هو معي آخذ بعضدي يريد أن أتكئ عليه، فجعلت أقول:
  جعلني اللَّه فداك، أنزل، فيأبى حتى أخذ بعضدي، فأنزلني وأدخلني، وقرّب إليّ الطعام والشراب، فأكلت وشربت، وأخرج إليّ خمسة آلاف درهم وقال: يا أبا عقيل، ما آكل إلا بالدّين، وأنا على جناح من ولاية أمير المؤمنين، فإن صحّت لي، لم أدع أن أغنيك، وهذه خمسة أثواب خزّ قد آثرتك بها، كنت قد ادّخرتها، قال / عمارة، فخرجت وأنا أقول:
  (٩) أأترك إن قلَّت دراهم خالد ... زيارته إني إذا للئيم(٩)
  فليت بثوبيه لنا كان خالد ... وكان لبكر بالثّراء تميم
  فيصبح(١٠) فينا سابق متمهّل ... ويصبح في بكر أغمّ يهيم
(١) روى في ب، س:
أصعرا بما قدمت شيبان وائل ... بطرف على شيخ أضن وأرغب
(٢) روى في ب، س:
فإن أكرمتنا أنجبت أم خالد ... فزند الحصينيين أورى وأثقب
(٣) ب، س: «والمائة الألف التي أتت على بسببك».
(٤) قبل: كفل.
(٥) الشاكري: معرب جاكر. وهو المستخدم.
(٦) ف: «أنكروني».
(٧) خد: «ابن جرير الشاعر جالسا مسلما».
(٨) ب، س: «يحجبني».
(٩ - ٩) تكملة من ف، خد.
(١٠) خد: «فيسبق».