كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحكم بن عبدل ونسبه

صفحة 612 - الجزء 2

  أراد عمر بن هبيرة أن يغزي⁣(⁣١) الحكم بن عبدل الغاضريّ، فاعتلّ بالزّمانة⁣(⁣٢) فحمل وألقي بين يديه فجرّده فإذا هو أعرج مفلوج، فوضع عنه الغزو وضمّه إليه وشخص به معه إلى واسط؛ فقال الحكم بن عبدل:

  لعمري لقد جرّدتني فوجدتني ... كثير العيوب سيّئ المتجردّ⁣(⁣٣)

  فأعفيتني لمّا رأيت زمانتي ... ووفّقت منّي للقضاء المسدّد

  فلما صار عمر إلى واسط شكا إليه الحكم بن عبدل الضّبعة⁣(⁣٤)، فوهب له جارية من جواريه، فواثبها ليلة صارت إليه فنكحها تسعا أو عشرا طلقا⁣(⁣٥)، فلما أصبحت قالت له: جعلت فداك من أيّ الناس أنت؟ قال: امرؤ من أهل الشام؛ قالت: بهذا العمل نصرتم.

  أعفاء الحجاج من الغزو

  أخبرني بهذا الخبر محمد بن عمران الصّيرفيّ، قال حدّثنا الحسن بن عليل قال حدّثنا أحمد بن بكير الأسديّ عن محمد بن أنس السّلاميّ عن محمد بن سهل رواية الكميت فقال فيه:

  / ضرب الحجاج البعث⁣(⁣٦) على المحتلمين ومن أنبت⁣(⁣٧) من الصّبيان، فكانت المرأة تجيء إلى ابنها وقد جرّد فتضمّه إليها وتقول له: «بأبي» جزعا عليه، فسمّي ذلك الجيش «جيش بأبي»، وأحضر ابن عبدل فجرّد فوجد أعرج فأعفي؛ فقال في ذلك:

  لعمري لقد جرّدتني فوجدتني

  البيتين، وزاد معهما ثالثا وهو:

  ولست بذي شيخين يلتزمانه ... ولكن يتيم ساقط الرّجل واليد

  تزوّج همدانية ولما كرهها قال فيها شعرا

  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثنا محمد بن معاوية عن منجاب عن عبد الملك بن عفّان قال:

  تزوّج ابن عبدل امرأة من همدان⁣(⁣٨) فقالوا له: على كم تزوّجت؟ فقال:

  تزوّجت همدانيّة ذات بهجة ... على نمط⁣(⁣٩) عاديّة ووسائد


(١) يقال: أغزاه إغزاء: بعثه إلى العدوّ غازيا.

(٢) الزمانة: العاهة.

(٣) سئ المتجرّد: يريد به أنه سئ الجسم. وفي صفته ÷ أنه كان أنور المتجرّد، أي ما جرّد عنه الثياب من جسده وكشف.

(٤) الضبعة: شدّة شهوة الفحل، وهو المناسب للمقام. وفي ب، س، ح: «الضيعة» بالياء. وفي أ، ء، م، ط: «الضيقة».

(٥) طلقا: شوطا واحدا.

(٦) البعث: بعث الجند إلى الغزو.

(٧) أنبت الغلام: راهق وبلغ مبلغ الرجال.

(٨) كذا في أغلب الأصول. وفي ب، س: «همذان» بالذال المعجمة، وقوله في البيت الآتي: «تزوّجت همدانية ذات بهجة» يرجح ما أثبتناه في الأصل لأن همدان الساكنة الميم إنما هي بدال مهملة وهي اسم لقبيلة باليمن.

(٩) كذا في جميع الأصول، والنمط: ضرب من البسط وجمعه أنماط، ولم يظهر لوصف النمط بقوله «عادية» وجه إذ لم نجده