أخبار هلال ونسبه
  أتانا هلال بن أسعر المازنيّ فأكل جميع ما في بيتنا، فبعثنا إلى الجيران نقترض الخبز فلما رأى الخبز قد اختلف عليه قال: كأنكم أرسلتم إلى الجيران، أعندكم سويق(١)؟ قلنا: نعم، فجئته بجراب طويل فيه سويق وببرنيّة(٢) نبيذ، فصبّ السويق كلَّه وصبّ عليه النبيذ حتى أتى على السّويق والنبيذ كلَّه.
  أخبرني الحسن بن علي قال حدّثنا محمد بن موسى قال حدّثنا أحمد بن / الحارث عن المدائنيّ:
  أن هلال بن أسعر مرّ على رجل من بني مازن بالبصرة وقد حمل من بستانه رطبا في زواريق(٣)، فجلس على زورق صغير منها وقد كثب(٤) الرطب فيه وغطَّي بالبواري(٥)؛ قال له: يا بن عمّ آكل من رطبك هذا؟ قال: نعم؛ قال: ما يكفيني(٦)؟ قال: ما يكفيك؛ فجلس على صدر الزورق وجعل يأكل إلى أن اكتفى، ثم قام فانصرف، فكشف الزورق فإذا هو مملوء نوى قد أكل رطبه وألقى النوى فيه.
  / قال المدائنيّ وحدّثني من سأله عن أعجب شيء أكله، فقال: مائتي رغيف مع مكَّوك(٧) ملح.
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني الحسن بن عليّ بن منصور الأهوازيّ، وكان كهلا سريّا معدّلا، قال حدّثني شبان(٨) النّيليّ عن صدقة بن عبيد المازنيّ قال:
  أولم(٩) عليّ أبي لما تزوّجت فعملنا عشر جفان ثريدا من جزور. فكان أوّل من جاءنا هلال بن أسعر المازنيّ، فقدّمنا إليه جفنة فأكلها ثم أخرى ثم أخرى حتى أتى على العشر، ثم استسقى فأتي بقربة من نبيذ فوضع طرفها في شدقه ففرّغها في جوفه، ثم قام فخرج؛ فاستأنفنا عمل الطعام.
  حدّث أبو عمرو بن العلاء أنه لم ير أطول منه:
  أخبرني الجوهريّ قال حدّثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدّثنا نصر بن عليّ عن الأصمعيّ قال: حدّثني أبو عمرو بن العلاء قال: رأيت هلال بن أسعر ميتا ولم أره حيّا، فما رأيت أحدا على سرير(١٠) أطول منه.
  غنى مخارق الرشيد فأعتقه:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني محمد بن يزيد قال حدّثني بعض حاشية السلطان قال:
(١) السويق: دقيق الحنطة والشعير.
(٢) البرنية: إناء من خزف.
(٣) زواريق: جمع زورق أتبع الكسرة فتولدت منها ياء كما جاء في قوله:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفى الدراهيم تنقاد الصياريف
ومنه للمتنبي:
أفدى ظباء فلاة ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
(٤) كذا في ط، ح، ء، ومعناه جمع. وفي ب، س: «كتب». وفي أ، م: «كب» وكلاهما تحريف.
(٥) البواري: الحصر المنسوجة من القصب.
(٦) كذا في ط، ح، ء. وفي سائر النسخ: «فيه ما يكفيني؟ قال: ما يكفيك إلخ» والمعنى بهذه الزيادة غير المعنى المراد.
(٧) المكوك: مكيال يسع صاعا ونصف صاع.
(٨) كذا في أكثر النسخ، ولم نعثر على هذا الاسم، وقد سمى العرب شبان كرمان وشبان كشداد.
(٩) أولم عليّ أبي: عمل لي وليمة زواجي.
(١٠) كذا في أكثر النسخ. وفي ب، س، ح: «سريره».