ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره
  ذلك؟ قال الرجل: لا أدري؛ قلت: كان يسمّى حرثان؛ فأقبل على الرجل وتركني، فقال: من أيّ عدوان كان؟
  فقلت من خلفه: من بني ناج الذين يقول فيهم الشاعر:
  /
  وأما بنو ناج فلا تذكرنّهم ... ولا تتبعن عينيك ما كان هالكا
  إذا قلت معروفا لأصلح بينهم ... يقول وهيب لا أسالم ذلكا
  وروى عمر بن شبة: لا أسلَّم.
  فأضحى كظهر الفحل جبّ سنامه ... يدبّ إلى الأعداء أحدب باركا
  / فأقبل على الرجل وتركني وقال أنشدني قوله:
  عذير الحيّ من عدوان
  قال الرجل: لست أرويها؛ قلت: يا أمير المؤمنين إن شئت أنشدتك؛ قال: ادن منّي، فإني أراك بقومك عالما؛ فأنشدته:
  وليس المرء في شيء ... من الإبرام والنقض
  إذا أبرم أمرا خا ... له يقضي وما يقضي
  يقول اليوم أمضيه ... ولا يملك ما يمضي
  عذير الحيّ من عدوا ... ن كانوا حيّة الأرض
  بغى بعضهم بعضا ... فلم يبقوا على بعض
  فقد صاروا أحاديث ... برفع القول والخفض
  ومنهم كانت السادا ... ت والموفون بالقرض
  ومنهم حكم يقضي ... فلا ينقض ما يقضي
  ومنهم من يجيز النا ... س بالسّنّة والفرض
  وهم من ولدوا أشبوا(١) ... بسرّ الحسب المحض
  وممّن ولدوا عام ... ر ذو الطول وذو العرض(٢)
  وهم بوّوا(٣) ثقيفا دا ... ر لا ذلّ ولا خفض
  / فأقبل على الرجل وتركني وقال: كم عطاؤك؟ فقال: ألفان، فأقبل عليّ فقال: كم عطاؤك؟ فقلت:
  خمسمائة؛ فأقبل على كاتبه وقال: اجعل الألفين لهذا والخمسمائة لهذا؛ فانصرفت بها.
  وقوله: «ومنهم من يجيز الناس» فإنّ إجازة الحج كانت لخزاعة فأخذتها منهم عدوان فصارت إلى رجل منهم
(١) يقال: أشبى فلان إذا ولد له ولد كيس.
(٢) كذا في ب، س. وفي أ، م: «وممن ولدوا عامر ذا الطول إلخ». وفي ط، ء: «وهم من ولدوا عامر ذا الطول إلخ».
(٣) بوّوا: أنزلوا، والأصل بوأوا، وحذف الهمز للتخفيف.