ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره
  يقال له أبو سيّارة أحد بني وابش(١) بن زيد(٢) بن عدوان. وله يقول الراجز:
  خلَّوا السبيل عن أبي سيّاره ... وعن مواليه بني فزاره
  حتى يجيز سالما حماره ... مستقبل الكعبة يدعو جاره
  قال: وكان أبو سيارة يجيز الناس في الحج بأن يتقدّمهم على حمار، ثم يخطبهم فيقول: اللهم أصلح بين نسائنا، وعاد بين رعائنا، واجعل المال في سمحائنا، أوفوا بعهدكم، وأكرموا جاركم، واقروا ضيفكم، ثم يقول:
  أشرق(٣) ثبير كيما نغير، وكانت هذه إجازته، ثم ينفر(٤) ويتبعه الناس. ذكر ذلك أبو عمرو الشّيبانيّ والكلبيّ وغيرهما.
  قصته مع بناته الأربع وقد أردن الزواج:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثنا أبو بكر العليميّ قال حدّثنا محمد بن داود الهشاميّ قال: كان لذي الإصبع أربع بنات وكنّ يخطبن إليه فيعرض ذلك عليهنّ فيستحين ولا يزوّجهنّ، وكانت أمّهنّ تقول: لو زوّجتهنّ! فلا يفعل. قال: فخرج ليلة إلى متحدّث لهنّ فاستمع عليهنّ وهنّ لا يعلمن فقلن:
  تعالين نتمنّى ولنصدق، فقالت الكبرى:
  ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى ... حديث الشباب(٥) طيب الريح والعطر(٦)
  طبيب بأدواء النساء كأنه ... خليفة جان لا ينام على وتر
  / فقلن لها: أنت تحبّين رجلا ليس من قومك. فقالت الثانية:
  ألا هل أراها ليلة وضجيعها ... أشمّ كنصل السيف غير مبلَّد
  لصوق بأكباد النساء وأصله ... إذا ما انتمى من سرّ أهلي ومحتدي
  فقلن لها: أنت تحبّين رجلا من قومك. فقالت الثالثة:
  ألا ليته يملا الجفان لضيفه(٧) ... له جفنة يشقى بها النّيب(٨) والجزر(٩)
(١) كذا في أ، ء، ط. وقد أورد صاحب «القاموس» هذا الاسم في مادة «وبش» قال: «وبنو وابش بن زيد بن عدوان بطن من قيس عيلان». وفي باقي النسخ: «قايش» وهو تحريف.
(٢) كذا في ط، ء، ح وهو الصواب. وفي باقي النسخ: «يزيد» وهو تحريف.
(٣) هذا مثل، ومعناه ادخل يا ثبير في الشروق وهو ضوء الشمس كما تقول: أشمل أي دخل في الشمال وأجنب أي دخل في الجنوب.
وكيما نغير أي كيما نسرع للنحر من قولهم أغار إغارة الثعلب أي أسرع ودفع في عدوه. وثبير: جبل بمكة. قال عمر ¥:
كان المشركون يقولون ذلك ولا يفيضون، حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول اللَّه ﷺ. وهو يضرب في الإسراع والعجلة.
(٤) في ط، ء: «ينفذ» بالذال المعجمة.
(٥) في ب، س، ح: «حديث شباب».
(٦) في ح: «والنشر».
(٧) روي هذا الشطر في «الكامل» للمبرد طبع أوروبا ص ٣١٧ هكذا:
ألا ليته يعطي الجمال بديهة
(٨) النيب جمع ناب وهي الناقة المسنة، وقيل لها ناب لطول نابها.
(٩) الجزر بضم الزاي وسكن للضرورة جمع جزور، وهي الناقة المجزورة، وإنما عطفت على النيب لأن من الإبل ما يكون جزورا للنحر لا غير.