كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره

صفحة 68 - الجزء 3

  خرف وأهتر وقال في ذلك شعرا:

  أخبرني عمّي قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه الحزنبل قال حدّثني عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ عن أبيه قال: عمّر ذو الإصبع العدواني عمرا طويلا حتى خرّف⁣(⁣١) وأهتر وكان يفرّق ماله، فعذله أصهاره ولاموه وأخذوا على يده⁣(⁣٢)؛ فقال في ذلك:

  أهلكنا اللَّيل والنّهار معا ... والدّهر يعدو مصمّما جذعا⁣(⁣٣)

  فليس فيما أصابني عجب ... إن كنت شيبا أنكرت أو صلعا

  وكنت إذ رونق الشّباب به ... ماء شبابي تخاله شرعا

  والحيّ فيه الفتاة ترمقني ... حتّى مضى شأو ذاك فانقشعا⁣(⁣٤)

  صوت

  إنّكما صاحبيّ لم تدعا ... لومي ومهما أضق فلن تسعا

  لم تعقلا جفوة عليّ ولم ... أشتم صديقا ولم أنل طبعا⁣(⁣٥)

  / إلَّا بأن تكذبا عليّ وما ... أملك أن تكذبا وأن تلعا⁣(⁣٦)

  لابن سريح في هذه الأبيات لحنان: أحدهما ثاني ثقيل بالسبّابة والبنصر عن يحيى المكيّ، والآخر ثقيل أوّل عن الهشاميّ.

  وإنّني سوف أبتدي بندى ... يا صاحبيّ الغداة فآستمعا

  ثمّ سلا جارتي وكنّتها ... هل كنت فيمن أراب أو خدعا⁣(⁣٧)

  أو دعتاني فلم أجب، ولقد ... تأمن منّي حليلتي الفجعا⁣(⁣٨)

  آبى فلا أقرب الخباء إذا ... ما ربّه بعد هدأة هجعا

  ولا أروم الفتاة زورتها ... إن نام عنها الحليل أو شسعا⁣(⁣٩)

  وذاك في حقبة خلت ومضت ... والدّهر يأتي على الفتى لمعا⁣(⁣١٠)


(١) خرف بتثليث الراء: فسد عقله. وأهتر (بالبناء للمفعول فهو مهتر): فسد عقله من الكبر وصار خرفا، ويقال: أهتر بالبناء للفاعل أيضا، ولكن الوصف منه مهتر على صيغة اسم المفعول شذوذا.

(٢) أخذوا على يده: حجروا عليه ومنعوه مما يريد أن يفعل.

(٣) الجذع: الشاب الحدث.

(٤) فيء، ح: «فانقطعا».

(٥) الطبع: الدنس والعيب.

(٦) تلعا: من الولع وهو الكذب، يقال: ولع يلع ولعا وولعانا أي كذب.

(٧) كذا في أ. وفي ح: «قذعا» وقذع: رمى بالفحش وسوء القول. وفي باقي الأصول: «فدعا» وليس له معنى يناسب المقام.

(٨) في ح: «الفزعا».

(٩) شسع: بعد.

(١٠) لمعا: ألوانا لاختلاف ما يأتي به من خير وشر. واللمع: واحدته لمعة وهي كل لون خالف لونا آخر.