كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره

صفحة 73 - الجزء 3

  لو كنت مخّا كنت مخّا ريرا⁣(⁣١) ... أو كنت بردا كنت زمهريرا

  أو كنت ريحا كانت الدّبورا

  سبب تفرق عدوان وتقاتلهم:

  قال أبو عمرو، وكان السبب في تفرّق عدوان وقتال بعضهم بعضا حتى تفانوا: أن بني ناج بن يشكر بن عدوان أغاروا على بني عوف بن سعد بن ظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان، ونذرت⁣(⁣٢) بهم بنو عوف فاقتتلوا، فقتل بنو ناج ثمانية نفر، فيهم عمير بن مالك سيّد بني عوف، وقتلت بنو عوف رجلا منهم يقال له سنان بن جابر، وتفرّقوا على حرب. وكان الذي أصابوه من بني واثلة⁣(⁣٣) بن عمرو بن عباد وكان سيّدا، فاصطلح سائر الناس على الديات أن يتعاطوها ورضوا بذلك، وأبى مرير بن جابر أن يقبل بسنان بن جابر دية، واعتزل هو وبنو أبيه ومن أطاعهم ومن⁣(⁣٤) والاهم، وتبعه⁣(⁣٥) على ذلك كرب بن خالد⁣(⁣٦) أحد بني عبس بن ناج، فمشى إليهما ذو الإصبع وسألهما قبول الدية وقال: قد قتل منّا ثمانية نفر فقبلنا الدية وقتل / منكم رجل فاقبلوا ديته؛ فأبيا ذلك وأقاما على الحرب، فكان ذلك مبدأ حرب بعضهم بعضا حتى تفانوا وتقطَّعوا. فقال ذو الإصبع في ذلك:

  ويا بؤس للأيّام والدّهر هالكا ... وصرف اللَّيالي يختلفن كذلكا

  / أبعد بني ناج وسعيك فيهم ... فلا تتبعن عينيك ما كان هالكا

  إذا قلت معروفا لأصلح بينهم ... يقول مرير لا أحاول ذلكا

  فأضحوا كظهر العود جبّ سنامه ... تحوم⁣(⁣٧) عليه الطير أحدب باركا

  فإن تك عدوان بن عمرو تفرّقت ... فقد غنيت⁣(⁣٨) دهرا ملوكا هنالكا

  قصيدته النونية:

  وقال أبو عمرو: وفي مرير بن جابر يقول ذو الإصبع - وهذه القصيدة هي التي منها [الغناء]⁣(⁣٩) المذكور - وأوّلها:

  يا من لقلب شديد⁣(⁣١٠) الهمّ محزون ... أمسى تذكَّر ريّا أمّ هارون

  أمسى تذكَّرها من بعد ما شحطت ... والدّهر ذو غلظ⁣(⁣١١) حينا وذو لين


(١) يقال: مخ رير أي فاسد من الهزال.

(٢) يقال: نذر بالشيء أي علمه فحذره.

(٣) فيء، ط: «وائلة».

(٤) كذا في أ. وفي باقي النسخ: «وما».

(٥) فيء، ط: «وتابعه».

(٦) فيء، ط: «جبلة».

(٧) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «يدب إلى الأعداء أحدب باركا».

(٨) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «غيبت».

(٩) التكملة من ط، ء.

(١٠) في «أمالي القالي» ج ١ ص ٢٥٥ طبع دار الكتب: «طويل البث».

(١١) كذا في ب، س، ح. وفي باقي النسخ و «أمالي القالي»: «ذو غلظة».