أخبار بشار بن برد ونسبه
  فجاءتك حتى ترى حالها ... فتعلم أنّي بها مبتلى
  سألتك لحما لصبياننا ... فقد زدتني فيهم عيّلا
  فخذها وأنت بنا محسن ... وما زلت بي محسنا مجملا
  قال: وبعث بالرقعة إلى الرجل؛ فدعا بوكيله وقال له: ويلك! تعلم أني أفتدي من بشّار بما أعطيه وتوقعني في لسانه! اذهب فاشتر أضحيّة، وإن قدرت أن تكون مثل الفيل فافعل، وأبلغ بها ما بلغت وابعث بها إليه.
  شعره في رثاء بنية له:
  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ قال حدّثني عمّي قال أخبرنا أبو عمرو بن العلاء قال:
  رأيت بشّارا المرعّث يرثي بنيّة له وهو يقول:
  يا بنت من لم يك يهوى بنتا ... ما كنت إلا خمسة أو ستّا
  حتّى حللت في الحشى وحتّى ... فتّتّ قلبي من جوى فانفتّا
  / لأنت خير من غلام بتّا(١) ... يصبح سكران ويمسي بهتا(٢)
  مدح نافع بن عقبة بن سلَّم بعد موت أبيه:
  أخبرني وكيع قال حدّثني أبو أيوب المدينيّ قال:
  كان نافع بن عقبة بن سلَّم جوادا ممدّحا، وكان بشّار منقطعا إلى أبيه، فلما مات أبوه وفد إليه وقد ولي مكان أبيه، فمدحه بقوله:
  ولنافع فضل على أكفائه ... إن الكريم أحقّ بالتفضيل
  يا نافع الشّبرات(٣) حين تناوحت ... هوج الرياح وأعقبت بوبول
  أشبهت عقبة غير ما متشبّه ... ونشأت في حلم وحسن قبول
  ووليت فينا أشهرا فكفيتنا ... عنت المريب وسلَّة التّضليل(٤)
  تدعى هلالا في الزمان ونافعا ... والسّلم نعم أبوّة المأمول
  فأعطاه مثل ما كان أبوه يعطيه في كلّ سنة إذا وفد عليه.
(١) بت: انقطع عن العمل، ومنه قولهم: سكران باتّ أي منقطع عن العمل بالسكر، ويقال أيضا: بتّ الرجل يبتّ بتوتا أي هزل فلم يقدر أن يقوم.
(٢) البهت: الدهش والتحير أو التعب، واستعمال المصدر هنا مكان اسم الفاعل للمبالغة في الوصف.
(٣) الشبرات: جمع شبرة، والشبرة (بالكسر): العطية.
(٤) كذا بالأصول، وللسلة معان كثيرة، فلعل أقربها هنا: إخراج السيوف من أغمادها عند القتال، ويكون المراد بسلة التضليل: ظهور التضليل وانتشاره، ولعلها «سنة التضليل».