أخبار بشار بن برد ونسبه
  يا قلب مالي أراك لا تقر(١) ... إيّاك أعني وعندك الخبر
  أذعت بعد الألى مضوا حرقا ... أم ضاع ما استودعوك إذ بكروا
  / قال أبو أحمد: وقال في مثل ذلك:
  إنّ سليمى واللَّه يكلؤها ... كالسّكر تزداده على السّكر
  بلَّغت عنها شكلا(٢) فأعجبني ... والسّمع بكفيك غيبة البصر
  أنشد المهديّ شعرا فلم يعطه شيئا فقال شعرا مداره الحكمة:
  أخبرني محمد بن القاسم الأنباريّ قال حدّثني أبي قال:
  زعم أبو العالية أنّ بشّارا قدم على المهديّ، فلمّا استأذن عليه قال له الربيع: قد أذن لك وأمرك ألَّا تنشد شيئا من الغزل والتشبيب فأدخل على ذلك، فأنشده قوله:
  يا منظرا حسنا رأيته ... من وجه جارية فديته
  بعثت إليّ تسومني ... برد الشّباب وقد طويته
  واللَّه ربّ محمّد ... ما إن غدرت ولا نويته
  أمسكت عنك وربّما ... عرض البلاء وما ابتغيته
  إنّ الخليفة قد أبى ... وإذا أبى شيئا أبيته
  ومخضّب رخص البنا ... ن بكى عليّ وما بكيته
  ويشوقني بيت الحبي ... ب إذا ادّكرت وأين بيته
  قام الخليفة دونه ... فصبرت عنه وما قليته
  ونهاني الملك الهما ... م عن النّسيب(٣) وما عصيته
  لا بل وفيت فلم أضع ... عهدا ولا رأيا رأيته
  وأنا المطلّ على العدا ... وإذا غلا علق(٤) شريته
  أصفي(٥) الخليل إذا دنا ... وإذا نأى عنّي نأيته
  / ثم أنشده ما مدحه به بلا تشبيب، فحرمه ولم يعطه شيئا؛ فقيل له: إنّه لم يستحسن شعرك؛ فقال: واللَّه لقد مدحته بشعر لو مدح به الدهر لم يخش صرفه على أحد، ولكنّه كذّب أملي لأنّي كذبت في قولي. ثم قال في ذلك:
(١) لا تقر: لا ترزن ولا تستقر، من الوقار أي الرزانة.
(٢) الشكل: غنج المرأة ودلالها.
(٣) كذا في أ، م. وفي باقي الأصول: «النساء».
(٤) كذا في أكثر الأصول، والعلق: النفيس من كل شيء، وفي أ «شيء» وقد تقدّم في صفحة ٢١٢ من هذا الجزء:
وإذا غلا الحمد اشترتيه
(٥) أصفى الخليل: أي أصفيه الودّ، يقال: أصفيت فلانا الود أي أخلصته له.