أخبار عكاشة العمي ونسبه
  وقينتنا كالظبي تسمح بالهوى ... وبثّ تباريح الفؤاد على رسل(١)
  إذا ما حكت بالعود رجع لسانها ... رأيت لسان العود من كفّها يملي
  فلم أر كالَّلذّات أمطرت الهوى ... ولا مثل يومي ذاك صادفه مثلي
  ومما قاله فيها:
  أنعيم حبّك سلَّني وبلاني ... وإلى الأمرّ من الأمور دعاني
  أنعيم لو تجدين وجدي والذي ... ألقى بكيت من الذي أبكاني
  أنعيم سيّدتي عليك تقطَّعت ... نفسي من الحسرات والأحزان
  أنعيم قد رحم الهوى قلبي وقد ... بكت الثياب أسى على جثماني
  أنعيم وانحدرت مدامع مقلتي ... حتّى رحمت لرحمتي إخواني
  أنعيم مثّلك الهيام لمقلتي ... فكأنّني ألقاك كلّ مكان
  أنعيم نظرة سحر عينك بالهوى ... معروفة بالقتل في إنسان
  أنعيم(٢) اشفي أو دعي من داؤه ... ودواؤه بيديك مقترنان
  هذا وكم من مجلس لي مؤنق ... بين النعيم وبين عيش داني
  نازعته أردانه فلبستها ... مع ظبية في عيشنا الفينان
  / تنسي الحليم من الرجال معاده ... بين الغناء وعودها الحنّان
  حتى يعود كأنّ حبّة قلبه ... مشدودة بمثالث(٣) ومثاني
  ظلَّت تغنّيني وتعطف كفّها ... بالعود بين الرّاح والرّيحان
  فسمعت ما أبكى وأضحك سامعا ... وسكرت من طرب ومن أشجان
  ومشيت في لجج الهوى متبخترا ... ومشى إليّ اللهو في الألوان
  فعلمت أن قد عاد قلبي عائد ... من بين عود مطرب وبنان
  / ومما قاله أيضا فيها:
  نعيم هل بكيت كما بكيت ... وهل بعدي وفيت كما وفيت
  ألا يا ليت شعري كيف بعدي اص ... طبارك(٤) إذ نأيت وإذ نأيت
  فكم من عبرة ذرفت فلمّا ... خشيت عيون أهلي واستحيت
(١) الرسل (بالكسر): التؤدة والرفق.
(٢) التنوين هنا لضرورة الشعر.
(٣) المثالث: جمع مثلث وهو ما كان على ثلاث قوى من الأوتار، وقيل هو الثالث منها، والمثاني: جمع مثنى وهو ما بعد الأول من أوتار العود.
(٤) في ب، س: «كيف بعدي وصبرك ...».