أخبار عطرد ونسبه
  ٣٥ - أخبار عطرّد ونسبه
  ولاؤه وصفته وهو مغن مقبول الشهادة فقيه:
  عطرّد مولى الأنصار، ثم مولى بن عمرو بن عوف، وقيل: إنه مولى مزينة، مدنيّ، يكنى أبا هارون، وكان ينزل قباء. وزعم إسحاق أنه كان جميل الوجه، حسن الغناء، طيّب الصوت، جيّد الصّنعة، حسن الرأي والمروءة، فقيها قارئا للقرآن، وكان يغنّي مرتجلا، وأدرك دولة بني أميّة، وبقي إلى أيام الرشيد، وذكر ابن خرداذبه فيما حدّثني به عليّ بن عبد العزيز عنه: أنه كان معدّل الشهادة بالمدينة؛ أخبره بذلك يحيى بن عليّ المنجم عن أبي أيّوب المدينيّ عن إسحاق.
  جاءه عباد بن سلمة ليلا وطلب منه أن يغنيه:
  وأخبرنا محمد بن خلف وكيع عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه:
  أن سلمة بن عبّاد ولي القضاء بالبصرة، فقصد ابنه عبّاد بن سلمة عطَّردا وهو بها مقيم قد قصد آل سليمان بن عليّ وأقام معهم؛ فأتى بابه ليلا فدقّ عليه ومعه جماعة من أصحابه أصحاب القلانس، فخرج عطَّرد إليه، فلما رآه ومن معه فزع؛ فقال: لا ترع.
  إني قصدت إليك من أهلي ... في حاجة يأتي لها مثلي
  فقال: وما هي أصلحك اللَّه؟ قال:
  لا طالبا شيئا إليك سوى ... «حيّ الحمول بجانب العزل»(١)
  / فقال: انزلوا على بركة اللَّه، فلم يزل يغنّيهم هذا وغيره حتى أصبحوا.
  نسبة هذا الصوت
  صوت
  حيّ الحمول بجانب العزل ... إذ لا يوافق شكلها شكلي
  اللَّه أنجح ما طلبت به ... والبرّ خير حقيبة الرّحل
  إني بحبلك واصل حبلي ... وبريش نبلك رائش نبلي
  وشمائلي ما قد علمت وما ... نبحت كلابك طارقا مثلي
  الشعر لامرئ القيس بن عابس الكنديّ، هكذا روى أبو عمرو الشّيبانيّ، وقال: إن من يرويه
(١) العزل: موضع في ديار قيس، ذكره البكري في «معجم ما استعجم» (ج ٢ ص ٦٥٩)، واستشهد له بهذا الشطر من شعر امرئ القيس.