كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحارث بن خالد المخزومي ونسبه

صفحة 221 - الجزء 3

  عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو⁣(⁣١) عبد اللَّه بن محمد بن حفص عن أبيه قال قال محمد بن خلف أخبرني به / أبو أيوب سليمان بن أيوب⁣(⁣٢) المدنيّ قال حدّثنا مصعب الزّبيريّ، وأخبرني به أيضا الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي، وقد جمعت رواياتهم في هذا الخبر:

  أنّ بني مخزوم كلَّهم كانوا زبيريّة سوى الحارث بن خالد فإنه كان مروانيا.

  ذهب إلى الشأم مع عبد الملك فحجبه وجفاه فقال شعرا فقرّبه وولاه مكة:

  فلما ولي عبد الملك الخلافة عام الجماعة وفد عليه في دين كان عليه وذلك في سنة خمس وسبعين؛ وقال مصعب في خبره: بل حجّ عبد الملك في تلك السنة فلما انصرف رحل معه الحارث إلى دمشق، فظهرت له منه جفوة، وأقام ببابه شهرا لا يصل إليه، فانصرف عنه وقال فيه:

  صحبتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطَّعت نفسي ألومها

  وما بي وإن أقصيتني من ضراعة ... ولا افتقرت نفسي إلى من يضيمها

  هذا البيت في رواية ابن المرزبان وحده:

  عطفت عليك النفس حتى كأنما ... بكفّيك بؤسي أو عليك نعيمها

  عزله عبد الملك لأنه أخر الصلاة حتى تطوف عائشة بنت طلحة:

  / وبلغ عبد الملك خبره وأنشد الشعر، فأرسل إليه من ردّه من طريقه؛ فلما دخل عليه قال له: حار⁣(⁣٣)، أخبرني عنك: هل رأيت عليك في المقام ببابي غضاضة أو في قصدي دناءة؟ قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين؛ قال:

  فما حملك على ما قلت وفعلت؟ قال: جفوة ظهرت لي، كنت⁣(⁣٤) حقيقا بغير هذا، قال: فاختر، فإن شئت أعطيتك مائة ألف درهم، أو قضيت دينك، أو ولَّيتك مكَّة سنة، فولَّاه إياها، فحجّ بالناس وحجّت عائشة بنت طلحة عامئذ، وكان يهواها، فأرسلت إليه: أخّر / الصلاة حتى أفرغ من طوافي، فأمر المؤذّنين فأخّروا الصلاة حتى فرغت من طوافها، ثم أقيمت الصلاة فصلَّى بالناس، وأنكر أهل الموسم ذلك من فعله وأعظموه، فعزله وكتب إليه يؤنّبه فيما فعل؛ فقال: ما أهون واللَّه غضبه إذا رضيت! واللَّه لو لم تفرغ من طوافها إلى الليل لأخّرت الصلاة إلى الليل. فلمّا قضت حجّها أرسل إليها: يابنة عمّي ألمّي بنا أوعدينا مجلسا نتحدّث فيه؛ فقالت: في غد أفعل ذلك، ثم رحلت من ليلتها؛ فقال الحارث فيها:

  صوت

  ما ضرّكم لو قلتم سددا ... إنّ المطايا عاجل غدها

  ولها علينا نعمة سلفت ... لسنا على الأيام نجحدها

  لو تمّمت أسباب نعمتها ... تمّت بذلك عندنا يدها


(١) كلمة «أبو» ساقطة في ح.

(٢) في ح: أبو أيوب.

(٣) حار: ترخيم حارث.

(٤) كذا في الأصول ولعله «وكنت» بالواو.