كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار موسى شهوات ونسبه

صفحة 253 - الجزء 3

  دينار فأعطاه ألف الدينار، فلما خرج من عنده قيل له: هذا عبد ابن قطن وهو يروي فيك شعر موسى شهوات فيحسن / روايته، فأمر بردّه فردّ، وقال له ما حكاه القوم عنه، فغنّاه معبد الصوت فأعطاه أربعين دينارا؛ ولما كان بعد ذلك ردّ ابن قطن عليه المال فلم يقبله، وقال له: إنه إذا خرج عنّي مال لم يعد إلى ملكي. وقد روي أنّ الداخل على حمزة والمخاطب في أمره بهذه المخاطبة⁣(⁣١) ابن سريج، وليس ذلك بثبت، هذا هو الصحيح، والغناء لمعبد.

  أنشد حمزة بن عبد اللَّه شعرا وغناه إياه معبد فأجازهما:

  أخبرني إسماعيل بن يونس الشّيعيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة عن محمد بن يحيى الغسّانيّ:

  أن موسى شهوات أملق، فقال لمعبد: قد قلت في حمزة بن عبد اللَّه شعرا فغنّ فيه حتى يكون أجزل لصلتنا؛ ففعل ذلك معبد وغنّى في هذه الأبيات، ثم دخلا على حمزة فأنشده إيّاها موسى ثم غنّاه فيها معبد، فأمر لكل واحد منهما بمائتي دينار.

  كان من شعراء الحجاز وكان خلفاء بني أمية يحسنون إليه:

  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثنا العمريّ عن الهيثم بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عيّاش قال:

  كان موسى شهوات مولى لسليمان بن أبي خيثمة بن حذيفة العدويّ، وكان شاعرا من شعراء أهل الحجاز، وكان الخلفاء من بني أميّة يحسنون إليه ويدرّون عطاءه وتجيئه صلاتهم إلى الحجاز.

  هجا داود بن سليمان بن مروان الذي تزوّج فاطمة بنت عبد الملك بعد وفاة زوجها عمر بن عبد العزيز:

  وكانت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان تحت عمر بن عبد العزيز، فلما مات عنها تزوّجها داود بن سليمان بن مروان وكان دميما قبيحا، فقال موسى شهوات في ذلك:

  أبعد الأغرّ ابن عبد العزيز ... قريع قريش إذا يذكر

  تزوّجت داود مختارة ... ألا ذلك الخلف الأعور

  فغلب عليه ذلك في بني مروان، فكان يقال له: الخلف الأعور.

  صوت من المائة المختارة

  عوجا خليليّ على المحضر⁣(⁣٢) ... والربع من سلَّامة المقفر

  عوجا به فاستنطقاه فقد ... ذكَّرني ما كنت لم أذكر

  ذكَّرني سلمى وأيامها ... إذ جاورتنا بلوى عسجر⁣(⁣٣)


(١) في م: «والمخاطب في هذه المخاطبة».

(٢) المحضر: المنهل الذي يجتمع القوم فيه ويحضرون عليه (انظر الحاشية رقم ١ من ص ٣٩٥ ج ٢ أغاني من هذه الطبعة).

(٣) عسجر: موضع قرب مكة. قال ياقوت في الكلام عليه بعد أن تكلم عن عسجد: «ولعله الذي قبله عير في قافية شعر» يريد «عسجدا» بالدال المهملة. وقد قال في الكلام عن عسجد إنه اسم موضع بعينه، واستشهد له بقول رزاح بن ربيعة العذري: