كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 266 - الجزء 4

  لمّا هاجى أبو قابوس النّصرانيّ كلثوم بن عمرو العتّابيّ، جعل أبو العتاهية يشتم أبا قابوس ويضع منه؛ ويفضّل العتّابيّ عليه؛ فبلغه ذلك فقال فيه:

  قل للمكنّي نفسه ... متخيّرا بعتاهيه

  والمرسل الكلم القبي ... ح وعته أذن واعيه

  إن كنت سرّا سؤتني ... أو كان ذاك علانيه

  فعليك لعنة ذي الجلا ... ل وأمّ زيد زانيه

  - يعني أمّ أبي العتاهية، وهي أمّ زيد بنت زياد - فقيل له: أتشتم مسلما؟ فقال: لم أشتمه، وإنّما قلت:

  فعليك لعنة ذي الجلا ... ل ومن عنينا زانيه

  هجاه والبة بن الحباب:

  قال: وفيه يقول والبة بن الحباب وكان / يهاجيه:

  كان فينا يكنى أبا إسحاق ... وبها الرّكب سار في الآفاق

  فتكنّى معتوهنا⁣(⁣١) بعتاه ... يا لها كنية أتت باتّفاق

  خلق اللَّه لحية لك لا تن ... فكّ معقودة بداء الحلاق⁣(⁣٢)

  حصته مع النوشجاني:

  أخبرنا محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا النّوشجانيّ قال: أتاني البوّاب يوما فقال لي: أبو إسحاق الخزّاف بالباب؛ فقلت: ائذن له، فإذا أبو العتاهية قد دخل. فوضعت بين يديه قنو موز⁣(⁣٣)؛ فقال: قد صرت تقتل العلماء بالموز، قتلت أبا عبيدة بالموز، وتريد أن تقتلني به! لا واللَّه لا أذوقه. قال: فحدّثني عروة بن يوسف الثّقفيّ قال: رأيت أبا عبيدة قد خرج من دار النّوشجانيّ في شقّ محمل مسجّى، إلَّا أنه حيّ، وعند رأسه قنو موز وعند رجليه قنو موز آخر، يذهب به إلى أهله. فقال النّوشجانيّ وغيره: لمّا دخلنا عليه نعوده قلنا: ما سبب علَّتك؟ قال: هذا النّوشجانيّ جاءني بموز كأنه أيور المساكين، فأكثرت منه، فكان سبب علَّتي. قال: ومات في تلك العلَّة.

  رأي مصعب بن عبد اللَّه في شعره:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال:

  سمعت مصعب بن عبد اللَّه يقول: أبو العتاهية أشعر الناس. فقلت له: بأيّ شيء استحقّ ذلك عندك؟ فقال:

  بقوله:

  تعلَّقت بآمال ... طوال أيّ آمال


(١) كذا في أكثر النسخ و «ديوانه» طبع بيروت. وفي ب، س: «معتوتها».

(٢) الحلاق: صفة سوء. وقد ورد هذا البيت في هامش «ديوانه» (ص ٣٤٣) هكذا:

خلق اللَّه لحية لك لا تن ... فك معقودة لدى الحلَّاق

(٣) القنو: الكباسة، وهي كالعنقود من العنب.