ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  كنّا عند ابن الأعرابيّ، فذكروا قول ابن نوفل في عبد الملك بن عمير:
  إذا ذات دلّ كلَّمته لحاجة ... فهمّ بأن يقضي تنحنح أو سعل
  وأن عبد الملك قال: تركني واللَّه وإنّ السّعلة لتعرض لي في الخلاء فأذكر قوله فأهاب أن أسعل. قال: فقلت لابن الأعرابيّ: فهذا أبو العتاهية قال في عبد اللَّه بن معن بن زائدة:
  فصغ ما كنت حلَّيت ... به سيفك خلخالا
  وما تصنع بالسّيف ... إذا لم تك قتّالا
  فقال عبد اللَّه بن معن: ما لبست سيفي قطَّ فرأيت إنسانا يلمحني إلا ظننت أنه يحفظ قول أبي العتاهية فيّ، فلذلك يتأمّلني فأخجل. فقال ابن الأعرابيّ: اعجبوا لعبد يهجو مولاه. قال: وكان ابن الأعرابيّ مولى بني شيبان.
  ناظر مسلم بن الوليد في قول الشعر:
  نسخت من كتاب هارون بن عليّ بن يحيى: / حدّثني عليّ بن مهديّ قال حدّثني الحسين بن أبي السّريّ قال:
  اجتمع أبو العتاهية ومسلم بن الوليد الأنصاريّ في بعض المجالس، فجرى بينهما كلام؛ فقال له مسلم: واللَّه لو كنت أرضى أن أقول مثل قولك:
  الحمد والنعمة لك ... والملك لا شريك لك
  لبيك إنّ الملك لك
  / لقلت في اليوم عشرة آلاف بيت، ولكنّي أقول:
  موف على مهج في يوم ذي رهج(١) ... كأنّه أجل يسعى إلى أمل
  ينال بالرّفق ما يعيا الرجال به ... كالموت مستعجلا يأتي على مهل
  يكسو السيوف نفوس الناكثين به ... ويجعل الهام تيجان القنا الذّبل
  للَّه من هاشم في أرضه جبل ... وأنت وابنك ركنا ذلك الحبل
  فقال له أبو العتاهية: قل مثل قولي:
  الحمد والنّعمة لك
  أقل مثل قولك:
  كأنّه أجل يسعى إلى أمل
  تقارض هو وبشار الثناء على شعريهما:
  حدّثني الصّوليّ قال حدّثنا الغلابيّ قال حدّثنا مهديّ بن سابق قال:
(١) في يوم ذي رهج: أي في يوم ذي غبار من الحرب. وفي «ديوان مسلم» (طبع مدينة ليدن ص ٩):
موف على مهج واليوم ذو رهج