ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  ملاحظته على سهولة الشعر لمن يعالجه:
  أخبرني عمّي قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني هارون بن سعدان عن شيخ من أهل بغداد قال:
  قال أبو العتاهية: أكثر الناس يتكلَّمون بالشعر وهم لا يعلمون، ولو أحسنوا تأليفه كانوا شعراء كلَّهم. قال:
  فبينما نحن كذلك إذ قال رجل لآخر عليه مسح(١): «يا صاحب المسح تبيع المسح؟»(٢). فقال لنا أبو العتاهية: هذا من ذلك، ألم تسمعوه يقول:
  يا صاحب المسح تبيع المسحا
  قد قال شعرا وهو لا يعلم. ثم قال الرجل: «تعال إن كنت تريد الرّبح»(٢). فقال أبو العتاهية: وقد أجاز المصراع بمصراع آخر وهو لا يعلم، قال له:
  تعال إن كنت تريد الرّبحا
  وصف الأصمعيّ شعره:
  حدّثنا الصّوليّ قال حدّثنا محمد بن موسى قال حدّثنا أحمد بن بشير(٣) أبو طاهر الحلبيّ قال حدّثنا مزيد الهاشميّ عن السّدريّ قال:
  / سمعت الأصمعيّ يقول: شعر أبي العتاهية كساحة الملوك يقع فيها الجوهر والذهب والتراب والخزف والنّوى.
  مدح يزيد بن منصور لشفاعته فيه لدى المهدي:
  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال:
  لمّا حبس المهديّ أبا العتاهية، تكلَّم فيه يزيد بن منصور الحميريّ حتى أطلقه؛ فقال فيه أبو العتاهية:
  ما قلت في فضله شيئا لأمدحه ... إلَّا وفضل يزيد فوق ما قلت
  ما زلت من ريب دهري خائفا وجلا ... فقد كفاني بعد اللَّه ما خفت
  قدرته على ارتجال الشعر:
  أخبرني يحيى بن عليّ إجازة قال حدّثني عليّ بن مهديّ قال حدّثني محمد بن يحيى قال حدّثني عبد اللَّه بن الحسن قال:
  جاءني أبو العتاهية وأنا في الديوان فجلس إليّ. فقلت: يا أبا إسحاق، أما يصعب عليك شيء من الألفاظ فتحتاج فيه إلى استعمال الغريب كما يحتاج إليه سائر من يقول الشعر، أو إلى ألفاظ مستكرهة؟ قال لا. فقلت [له](٤): إنّي لأحسب ذلك من كثرة ركوبك القوافي السّهلة. قال: فاعرض عليّ ما شئت من القوافي الصعبة.
  فقلت: قل أبياتا على مثل البلاغ. فقال من ساعته:
(١) المسح: كساء من شعر كثوب الرهبان.
(٢) في الأصول: «المسحا» و «الربحا» بالألف، وهو نثر لا داعي فيه لألف الإطلاق.
(٣) في أ، ء، م: «ابن بشر».
(٤) زيادة عن ح.