ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  طلب إليه أن يجيز شعرا فأجازه على البديهة:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم الكوفيّ قال حدّثني أبو جعفر المعبديّ قال:
  / قلت لأبي العتاهية: أجز لي قول الشاعر:
  وكان المال يأتينا فكنّا ... نبذّره وليس لنا عقول
  فلمّا أن تولَّى المال عنّا ... عقلنا حين ليس لنا فضول
  قال: فقال أبو العتاهية على المكان:
  فقصّر ما ترى بالصّبر حقّا ... فكلّ إن صبرت له مزيل
  قال لابنه: أنت ثقيل الظل:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني الحسن بن الفضل الزّعفرانيّ قال: حدّثني من سمع أبا العتاهية يقول لابنه وقد غضب عليه: اذهب فإنك ثقيل الظلّ جامد الهواء.
  أهدى إلى الفضل نعلا فأهداها للخليفة:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني يحيى بن خليفة الرّازيّ قال حدّثنا حبيب بن الجهم النّميريّ قال:
  حضرت الفضل بن الربيع متنجّزا جائزتي وفرضي، فلم يدخل عليه أحد قبلي، فإذا عون حاجبه قد جاء فقال:
  هذا أبو العتاهية يسلَّم عليك وقد قدم من مكة؛ فقال: أعفني منه الساعة يشغلني عن ركوبي. فخرج إليه عون / فقال: إنّه على الرّكوب إلى أمير المؤمنين. فأخرج من كمّه نعلا عليها شراك فقال: قل له إنّ أبا العتاهية أهداها إليك جعلت فداءك. قال: فدخل بها؛ فقال: ما هذه؟ فقال(١): نعل وعلى شراكها مكتوب كتاب. فقال: يا حبيب، اقرأ ما عليها فقرأته فإذا هو:
  نعل بعثت بها ليلبسها ... قرم(٢) بها يمشي إلى المجد
  لو كان يصلح أن أشرّكها(٣) ... خدّي جعلت شراكها خدّي
  / فقال لحاجبه عون: احملها معنا، فحملها. فلمّا دخل على الأمين قال له: يا عبّاسيّ، ما هذه النّعل؟
  فقال: أهداها إليّ أبو العتاهية وكتب عليها بيتين، وكان أمير المؤمنين أولى بلبسها لما وصف به لابسها. فقال: وما هما؟ فقرأهما. فقال: أجاد واللَّه! وما سبقه إلى هذا المعنى أحد، هبوا له عشرة آلاف درهم. فأخرجت واللَّه في بدرة وهو راكب على حماره، فقبضها وانصرف.
(١) في الأصول: «قال: فدخلت بها؛ فقال: ما هذه؟ فقلت».
(٢) القرم (بالفتح) هنا: السيد العظيم. ولتلبسها قدم بها تمشي.
(٣) أشركها: أجعل لها شراكا. والشراك: سير النعل على ظهر القدم.