كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 315 - الجزء 4

  فيا أنتن من حشّ⁣(⁣١) ... على حشّ إذا تاها

  أرى قوما يتيهون ... حشوشا⁣(⁣٢) رزقوا جاها

  مدح إسماعيل بن محمد شعره واستنشده إياه:

  حدّثني اليزيديّ عن عمه إسماعيل بن محمد بن أبي محمد قال.

  قلت لأبي العتاهية وقد جاءنا: / يا أبا إسحاق، شعرك كلَّه حسن عجيب، ولقد مرّت بي منذ أيام أبيات لك استحسنتها جدّا؛ وذلك أنها مقلوبة أيضا، فأواخرها كأنها رأسها، لو كتبها الإنسان إلى صديق له كتابا واللَّه لقد كان حسنا أرفع ما يكون شعرا. قال: وما هي؟ قلت:

  المرء في تأخير مدّته ... كالثوب يخلق بعبد جدّته

  وحياته نفس يعدّ له ... ووفاته استكمال عدّته

  ومصيره من بعد مدّته ... لبلى⁣(⁣٣) وذا من بعد وحدته

  من مات مال ذوو مودّته ... عنه وحالوا عن مودّته

  أزف الرحيل ونحن في لعب ... ما نستعدّ له بعدّته

  ولقلَّما تبقي الخطوب على ... أشر الشّباب وحرّ وقدته

  عجبا لمنتبه يضيّع ما ... يحتاج فيه ليوم رقدته

  شبه أبو نواس شعرا له بشعره:

  قال اليزيديّ: قال عمّي وحدّثني الحسين بن الضحّاك قال:

  كنت مع أبي نواس فأنشدني أبياته التي يقول فيها:

  يا بني النقص والغير ... وبني الضعف والخور

  فلمّا فرغ منها قال لي: يا أبا عليّ، واللَّه لكأنها من كلام صاحبك (يعني أبا العتاهية).

  سأل أعرابيا عن معاشه ثم قال شعرا:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني حذيفة بن محمد الطائيّ قال حدّثني أبو دلف القاسم بن عيسى العجليّ قال:

  / حججت فرأيت أبا العتاهية واقفا على أعرابيّ في ظل ميل⁣(⁣٤) وعليه شملة⁣(⁣٥) إذا غطَّى بها رأسه بدت


(١) الحش (بتثليث أوّله): النخل المجتمع، ويكنى به عن بيت الخلاء لأنه كان من عادتهم التغوّط في البساتين، والجمع: حشوش.

وفي «ديوان أبي العتاهية»: ... من زبل على زبل ...».

(٢) في «الديوان»: «بهاما».

(٣) في ب، س و «ديوانه» ص ٥٦ طبع بيروت هكذا: «بليا». وفي سائر الأصول هكذا: «باليا». وقد رجحنا ما أثبتناه.

(٤) الميل: منار يبنى للمسافر في أنشاز الأرض وأشرافها.

(٥) الشملة: كساء مخمل دون القطيفة.