أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  استنشده النبيّ وجعل يصغي إليه:
  أخبرنا أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثنا هوذة بن خليفة قال حدّثنا عوف بن محمد قال:
  قال النبيّ ﷺ ليلة وهو في سفر: «أين حسّان بن ثابت»؟ فقال حسّان: لبّيك يا رسول اللَّه وسعديك. قال:
  «أحد»، فجعل ينشد ويصغي إليه النبيّ ﷺ ويستمع، فما زال يستمع إليه وهو سائق راحلته حتّى كان رأس الراحلة يمسّ الورك حتّى فرغ من نشيده. فقال النبيّ ﷺ: «لهذا أشدّ عليهم من وقع النّبل».
  انتهره عمر لإنشاده في مسجد الرسول فردّ عليه:
  أخبرنا أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثنا أبو عاصم النبيل قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرنا زياد بن أبي سهل قال حدّثني سعيد بن المسيّب:
  أنّ عمر مرّ بحسّان بن ثابت وهو ينشد في مسجد رسول اللَّه ﷺ فانتهره عمر؛ فقال حسّان: قد(١) أنشدت فيه من هو خير منك؛ فانطلق عمر.
  / أخبرنا أحمد قال حدّثنا أبو داود الطَّيالسيّ قال حدّثنا إبراهيم بن سعد عن الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب:
  أنّ عمر مرّ على حسان وهو ينشد في مسجد رسول اللَّه ﷺ، فذكر مثله وزاد فيه: وعلمت أنّه يريد النبيّ ﷺ.
  أخبرنا أحمد قال حدّثنا / عمر قال حدّثنا محمد بن حاتم قال حدّثنا شجاع بن الوليد عن الإفريقيّ عن مسلم بن يسار:
  أنّ عمر مرّ بحسّان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول اللَّه ﷺ، فأخذ بأذنه وقال: أرغاء كرغاء البعير! فقال حسّان: دعنا عنك يا عمر! فو اللَّه لتعلم أنّي كنت أنشد في هذا المسجد من هو خير منك فلا يغيّر عليّ! فصدّقه عمر.
  مدح الزبير بن العوام للومه قوما لم يحسنوا الاستماع له:
  حدّثنا محمد بن جرير الطبريّ والحرميّ بن أبي العلاء وعبد العزيز بن أحمد عمّ أبي وجماعة غيرهم قالوا حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا أبو غزّيّة محمد بن موسى قال حدّثني عبد اللَّه بن مصعب عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدّتها أسماء بنت أبي بكر قالت:
  مرّ الزّبير بن العوّام بمجلس من أصحاب رسول اللَّه ﷺ، وحسّان بن ثابت ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون منه، فجلس معهم الزّبير فقال: ما لي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة! فلقد كان يعرض لرسول اللَّه ﷺ فيحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه، ولا يشتغل عنه بشيء. فقال حسّان:
  أقام على عهد النبيّ وهديه ... حواريّه(٢) والقول بالفعل يعدل
  / أقام على منهاجه وطريقه ... يوالي وليّ الحقّ والحقّ أعدل
  هو الفارس المشهور والبطل الذي ... يصول إذا ما كان يوم محجّل
(١). رواية «صحيح مسلم» (ج ٢ ص ٢٥٩ طبع بلاق): «قد كنت أنشد فيه من هو خير منك».
(٢). حواريّ النبيّ ﷺ الزبير بن العوّام، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن لكل نبي حواريا وإن حواريّ الزبير». وفي رواية: «الزبير ابن عمتي وحواريّ من أمتي» أي خاصتي من أصحابي وناصري.