أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  ولا يضنّون عن جار بفضلهم ... ولا يمسّهم من مطمع طبع(١)
  يسمون للحرب تبدو وهي كالحة ... إذا الزّعانف(٢) من أظفارها خشعوا
  لا يفرحون إذا نالوا عدوّهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا جزع
  كأنّهم في الوغى والموت مكتنع(٣) ... أسود بيشة(٤) في أرساغها فدع(٥)
  خذ منهم ما أتى(٦) عفوا وإن منعوا ... فلا يكن همّك الأمر الذي منعوا
  فإنّ في حربهم - فاترك عداوتهم - ... سمّا يخاض(٧) عليه الصّاب والسّلع
  أكرم بقوم رسول اللَّه قائدهم ... إذا تفرّقت الأهواء والشّيع
  / أهدى لهم مدحي قلب يؤازره ... فيما أراد لسان حائك صنع
  فإنّهم(٨) أفضل الأحياء كلَّهم ... إن جدّ بالناس جدّ القول أو شمعوا(٩)
  فقام عطارد(١٠) بن حاجب فقال:
  أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا ... إذا اجتمعوا وقت احتضار المواسم
  بأنّا فروع الناس في كلّ موطن ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم(١١)
  فقام حسّان بن ثابت فقال:
  منعنا رسول اللَّه من غضب له ... على أنف راض(١٢) من معدّ وراغم
(١) ورد هذا البيت في أ، ء. وذكر محرّفا في م، وسقط في سائر النسخ.
(٢) الزعانف: أرذال الناس.
(٣) المكتنع: الداني القريب.
(٤) بيشة: من عمل مكة مما يلي اليمن، على خمس مراحل من مكة، وفي وادي بيشة موضع مشجر كثير الأسد. وفي «السيرة»: «أسد بحلية ...». وحلية: مأسدة بناحية اليمن.
(٥) الفدع: اعوجاج في الرسغ.
(٦) كذا في «ديوانه» والسيرة. وفي الأصول: ... ما أتوا عفوا ... إلخ».
(٧) يخاض: يخلط. والصاب والسلع: ضربان من الشجر مرّان.
(٨) هذه رواية السيرة و «الديوان». وفي الأصول: «وإنهم» بالواو.
(٩) كذا في «ديوانه» طبع أوروبا «وسيرة ابن هشام» والطبري. ومعناه: مزحوا، وهو أنسب للمقام، لمقابلته لقوله: «إن جدّ بالناس إلخ». قال أبو ذؤيب يصف حمرا:
فلبثن حينا يعتلجن بروضة ... فيجدّ حينا في العلاج ويشمع
وفي الأصول و «ديوانه» طبع مصر: «سمعوا» بالسين المهملة.
(١٠) الذي في «سيرة ابن هشام» (ص ٩٣٧ طبع أوروبا) أن هذا الشعر من قول الزبرقان بن بدر.
(١١) دارم: أبو حيّ من تميم.
(١٢) في الأصول: «على رغم أنف». ورواية «الديوان» و «سيرة ابن هشام»:
نصرنا وآوينا النبيّ محمدا ... على أنف راض من معد وراغم
ورواية الطبري:
منعنا رسول اللَّه إذ حل وسطنا ... على كل باغ من معدّ وراغم