أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  هل المجد إلَّا السّؤدد العود(١) والنّدى ... وجاه الملوك واحتمال العظائم
  إسلام وفد تميم وإكرام النبيّ لهم:
  قال: فقال الأقرع بن حابس: واللَّه إنّ هذا الرجل لمؤتّى(٢) له! واللَّه لشاعره أشعر من شاعرنا، ولخطيبه أخطب [من خطيبنا](٣)، ولأصواتهم أرفع من أصواتنا! أعطني يا محمد فأعطاه. فقال: زدني فزاده. فقال: اللَّهمّ إنّه سيد / العرب. فنزلت فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}. ثم إنّ القوم أسلموا، وأقاموا عند النبيّ ﷺ يتعلَّمون القرآن، ويتفقّهون في الدّين. ثم أرادوا الخروج إلى قومهم، فأعطاهم رسول اللَّه ﷺ وكساهم، وقال: «أما بقي منكم أحد؟»، وكان عمرو بن الأهتم في ركابهم، فقال قيس / بن عاصم، وهو من رهطه وكان مشاحنا له، لم يبق منّا أحد إلَّا غلام حديث السنّ في ركابنا؛ فأعطاه رسول اللَّه ﷺ مثل ما أعطاهم.
  مناقضة عمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم:
  فبلغ عمرا ما قال قيس؛ فقال عمرو بن الأهتم لقيس:
  ظللت مفترش الهلباء(٤) تشتمني ... عند الرسول فلم تصدق ولم تصب
  إن تبغضونا فإنّ الرّوم أصلكم ... والروم لا تملك البغضاء للعرب
  فإنّ(٥) سؤددنا عود وسؤددكم ... مؤخّر عند أصل العجب والذّنب
  فقال له قيس:
  لولا دفاعي كنتم أعبدّا ... داركم الحيرة والسّيلحون(٦)
  شعر حسان الذي يقرر به إيمانه بالرسل:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني عمر بن عليّ بن مقدّم عن يحيى بن سعيد عن أبي حيّان التّيميّ عن حبيب بن أبي ثابت، قال أبو زيد وحدّثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزّبير قال حدّثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم، قالوا:
  / قال حسّان(٧): ثابت للنبيّ ﷺ:
(١) العود: القديم.
(٢) كذا في الطبري و «سيرة ابن هشام». ومؤتى له: مسهّل وميسر له. وفي الأصول: «لمؤثر له» تحريف.
(٣) التكملة عن «سيرة ابن هشام» والطبري.
(٤) الهلباء: الاست.
(٥) رواية هذا البيت في «سيرة ابن هشام»:
سدناكم سؤددا رهوا وسؤددكم ... باد نواجذه مقع على الذنب
والعجب من كل دابة: ما انضم عليه الوركان من أصل الذنب المغروز في مؤخر العجز.
(٦) السيلحون: موضع قرب الحيرة، وقيل: هو بين الكوفة والقادسية.
(٧) نسب هذا الشعر في «اللسان» (مادة فلل) إلى عبد اللَّه بن رواحة يصف العزّي، وهي شجرة كانت تعبد، وذكر بيتين من هذا الشعر نذكرهما لاختلافهما في بعض الألفاظ عما هنا، وهما:
شهدت ولم أكذب بأن محمدا ... رسول الذي فوق السماوات من عل =