أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  / وأخبرنا محمد بن جرير قال حدّثنا محمد بن حميد قال حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة قال:
  اعترض صفوان بن المعطَّل حسّان بن ثابت بالسّيف لما قذفه به من الإفك حين بلغه ما قاله. وقد كان حسّان قال شعرا يعرّض بابن المعطَّل وبمن أسلم من العرب من مضر فقال:
  أمسى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
  قد ثكلت أمّه من كنت صاحبه ... أو كان منتشبا في برثن الأسد
  ما للقتيل الذي أعدو فآخذه ... من دية فيه أعطيها ولا قود(١)
  ما البحر حين تهبّ الرّيح شامية(٢) ... فيغطئلّ(٣) ويرمي العبر بالزّبد
  يوما بأغلب منّي حين تبصرني ... بالسيف أفري كفري العارض(٤) البرد
  فاعترضه صفوان بن المعطَّل بالسيف فضربه وقال:
  تلقّ ذباب السّيف عنّي فإنّني ... غلام إذا هو جيت لست بشاعر
  قبض ثابت بن قيس على ابن المعطل لضربه له، ثم انتهى الأمر إلى النبي فاسترضاه:
  وحدّثنا محمد بن جرير قال حدّثنا [ابن] حميد قال حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ:
  أنّ ثابت بن قيس بن الشّمّاس أخا بلحارث بن الخزرج وثب على صفوان بن المعطَّل في ضربه حسّان فجمع يديه على عنقه، فانطلق به إلى دار بني الحارث بن الخزرج، فلقيه عبد اللَّه بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ألا أعجّبك(٥)! ضرب / حسّان بالسيف! واللَّه ما أراه إلَّا قد قتله. فقال له عبد اللَّه بن رواحة: هل علم رسول اللَّه ﷺ بشيء من هذا؟ قال: لا واللَّه. قال: لقد اجترأت! أطلق الرجل، فأطلقه. ثم أتوا رسول اللَّه ﷺ فذكر ذلك له، فدعا حسّان وصفوان بن المعطَّل؛ فقال ابن المعطَّل: يا رسول اللَّه، آذاني وهجاني فضربته. فقال رسول اللَّه ﷺ لحسّان:
  «يا حسّان أتعيب على قومي أن هداهم اللَّه ø للإسلام!»، ثم قال: «أحسن يا حسّان في الذي أصابك». قال:
  هي لك يا رسول اللَّه.
  إيراد ما تقدم برواية أخرى مفصلة:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني المدائنيّ قال حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدّثنا محمد بن إسحاق عن أبيه عن إسحاق بن يسار(٦) عن بعض رجال بني النجّار بمثل ذلك، وزاد في الشعر الذي قاله
(١) القود: القصاص.
(٢) في «ديوانه» ص ٦٢: «شاملة».
(٣) كذا في «ديوانه». واغطال الشيء: ركب بعضه بعضا. وفي ح: «فيغضئل» بالغين والضاد المعجمتين. وفي سائر الأصول:
«فيعضئل» بالعين المهملة والضاد المعجمة، وكلاهما تحريف. والعبر: جانب النهر. وعبر الوادي: شاطئه وناحيته.
(٤) العارض: السحاب المعترض في الأفق. وسحاب برد (بكسر الراء): فيه قرّ وبرد.
(٥) يقال: عجبه بالشيء، إذا تبهه على التعجب منه.
(٦) كذا في م وهو الموافق لما في «الطبري» (قسم أول ص ١٥٢٥ طبع أوروبا) وهو الصواب؛ لأنه يعني محمد بن إسحاق بن يسار =