أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  حسان زيادة، ووافقه عليها مصعب الزّبيريّ، فيما أخبرنا به الحسن بن عليّ، قال قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمي مصعب في القصّة، فذكر أنّ فتية من المهاجرين والأنصار تنازعوا على الماء وهم يسقون خيولهم، فغضب من ذلك حسّان فقال هذا الشعر.
  وذكر الزّهري، فيما أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجعد، قال حدّثنا محمد بن إسحاق المسيّبي قال حدّثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزّهريّ أنّ هذا الخبر كان بعد غزوة النبيّ ﷺ بني المصطلق(١).
  قال:
  / وكان في أصحاب رسول اللَّه ﷺ رجل يقال له: سنان(٢)، ورجل من بني غفار يقال له: جهجاه(٣)؛ فخرج جهجاه بفرس لرسول اللَّه ﷺ وفرس له يومئذ يسقيهما، فأوردهما الماء، فوجد على الماء فتية من الأنصار، / فتنازعوا فاقتتلوا؛ فقال عبد اللَّه بن أبيّ ابن سلول: هذا ما جزونا به، آويناهم ثم هم يقاتلوننا! وبلغ حسّان بن ثابت الذي بين جهجاه وبين الفتية الأنصار، فقال وهو يريد المهاجرين من القبائل الذين قدموا على رسول اللَّه ﷺ في الإسلام - وهذا الشعر من رواية مصعب دون الزّهريّ -:
  أمسى الجلابيب(٤) قد عزّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
  يمشون بالقول سرّا في مهادنة ... تهدّدا لي كأنّي لست من أحد
  قد ثكلت أمّه من كنت صاحبه ... أو كان منتشبا في برثن الأسد
  ما للقتيل الذي أسمو فأقتله ... من دية فيه أعطيها ولا قود
  ما البحر حين تهبّ الريح شامية ... فيغطئلّ ويرمي العبر بالزّبد
  يوما بأغلب منّي حين تبصرني ... أفري من الغيظ فري العارض البرد
  أمّا قريش فإنّي لست تاركهم ... حتى ينيبوا من الغيّات بالرّشد
  / ويتركوا اللَّات والعزّى بمعزلة ... ويسجدوا كلَّهم للواحد الصّمد
  ويشهدوا أنّ ما قال الرسول لهم ... حقّ ويوفوا بعهد اللَّه في سدد(٥)
= صاحب «السيرة». وقد اضطربت بقية الأصول في هذا السند؛ ففي س: «محمد بن إسحاق عن أبيه إسحاق عن ابن يسار». وفي غيرها: «محمد بن إسحاق عن أبيه إسحاق عن يسار» وكلاهما تحريف.
(١) بنو المصطلق: بطن من خزاعة. والمصطلق: لقب جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة؛ وسمى بالمصطلق لحسن صوته، وهو أوّل من غنى من خزاعة.
(٢) كذا في «سيرة ابن هشام» (ص ٧٢٦ طبع أوروبا) و «الطبري» (ص ١٥١١ من القسم الأول طبع أوروبا). وفي الأصول: «جعان».
وقد ساق ابن هشام والطبري هذه القصة هكذا: «فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين؛ فغضب عبد اللَّه بن أبيّ إلخ».
(٣) هو جهجاه بن سعيد الغفاري، كما في الطبري «والمعارف» لابن قتيبة (ص ١٦٥). وفي «سيرة ابن هشام» (ص ٧٢٦ طبع أوروبا):
«جهجاه بن مسعود». وفي «أسد الغابة»: «هو جهجاه بن قيس وقيل ابن سعيد بن سعد بن حرام بن غفار الغفاري من أهل المدينة».
(٤) انظر الحاشية رقم ١ ص ١٥٦ من هذا الجزء. وانظر هذا الشعر في «الديوان» و «سيرة ابن هشام» (ص ٧٣٨ وفيما تقدم من هذا الجزء (ص ١٥٧) تجده مختلفا عما هنا في بعض ألفاظه.
(٥) السدد: القصد.