أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  كان حسان مقطوع الأكحل:
  قال الزّبير: وحدّثني عمّي عن الواقديّ قال: كان أكحل(١) حسّان قد قطع فلم يكن يضرب بيده.
  أنشد النبي شعرا في شجاعته فضحك:
  قال الزّبير وحدّثني عليّ بن صالح عن جدّي أنّه سمع أن حسّان بن ثابت أنشد رسول اللَّه ﷺ:
  لقد غدوت أمام القوم منتطقا ... بصارم مثل لون الملح قطَّاع
  يحفز(٢) عنّي نجاد السيف سابغة(٣) ... فضفاضة(٤) مثل لون النّهي بالقاع
  / قال: فضحك رسول اللَّه ﷺ؛ فظنّ حسّان أنه ضحك من صفته نفسه مع جبنه.
  قال النابغة: إنه شاعر والخنساء بكاءة:
  قال الزّبير وحدّثني محمد بن الحسن قال:
  قال حسّان بن ثابت: جئت نابغة بني ذبيان، فوجدت الخنساء بنت عمرو حين قامت من عنده، فأنشدته؛ فقال: إنّك لشاعر، وإنّ أخت بني سليم لبكَّاءة.
  سمعه الحطيئة ينشد فسأله وهو لا يعرفه فأجابه الحطيئة بما لم يرضه:
  قال الزّبير وحدّثني يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق قال أخبرني غير واحد من مشايخي(٥) أنّ الحطيئة وقف على حسّان بن ثابت وحسّان ينشد من شعره؛ فقال له حسّان وهو لا يعرفه: كيف تسمع هذا الشعر يا أعرابيّ؟ قال الحطيئة: لا أرى به بأسا. فغضب حسّان وقال: اسمعوا إلى كلام هذا الأعرابيّ! ما كنيتك؟
  قال: أبو مليكة. قال: ما كنت قطَّ أهون عليّ منك حين كنّيت بامرأة، فما اسمك؟ قال: الحطيئة فقال حسّان:
  امض بسلام.
  اتهمه أعشى بكر عند خمار بالبخل فاشترى كل الخمر وأراقها:
  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود الزّرقيّ(٦) قال حدّثنا عبد اللَّه بن
(١) الأكحل: عرق في وسط الذراع؛ قال ابن سيده: يقال له عرق النسا في الفخذ، وفي الظهر الأبهر، ويسمى: عرق الحياة ونهر البدن.
(٢) يحفز: يدفع.
(٣) يقال: درع سابغة، إذا كانت طويلة تامة.
(٤) فضفاضة: واسعة. والنهي: الغدير. وفي «الديوان» (ص ٦٦ طبع أوروبا) ورد هذا الشطر هكذا:
تغشى الأنامل مثل النهي بالقاع
وفسره في (ص ٩٥) بقوله: «شبه الدرع في بياضها واطرادها بالغدير».
(٥) في الأصول: «من مشايخه».
(٦) الزرقيّ: نسبة إلى بني زريق، بطن من الأنصار، وهم بنو زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم الخزرجي. (راجع «أنساب السمعاني»).