كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حسان بن ثابت ونسبه

صفحة 373 - الجزء 4

  كان حسان مقطوع الأكحل:

  قال الزّبير: وحدّثني عمّي عن الواقديّ قال: كان أكحل⁣(⁣١) حسّان قد قطع فلم يكن يضرب بيده.

  أنشد النبي شعرا في شجاعته فضحك:

  قال الزّبير وحدّثني عليّ بن صالح عن جدّي أنّه سمع أن حسّان بن ثابت أنشد رسول اللَّه :

  لقد غدوت أمام القوم منتطقا ... بصارم مثل لون الملح قطَّاع

  يحفز⁣(⁣٢) عنّي نجاد السيف سابغة⁣(⁣٣) ... فضفاضة⁣(⁣٤) مثل لون النّهي بالقاع

  / قال: فضحك رسول اللَّه ؛ فظنّ حسّان أنه ضحك من صفته نفسه مع جبنه.

  قال النابغة: إنه شاعر والخنساء بكاءة:

  قال الزّبير وحدّثني محمد بن الحسن قال:

  قال حسّان بن ثابت: جئت نابغة بني ذبيان، فوجدت الخنساء بنت عمرو حين قامت من عنده، فأنشدته؛ فقال: إنّك لشاعر، وإنّ أخت بني سليم لبكَّاءة.

  سمعه الحطيئة ينشد فسأله وهو لا يعرفه فأجابه الحطيئة بما لم يرضه:

  قال الزّبير وحدّثني يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق قال أخبرني غير واحد من مشايخي⁣(⁣٥) أنّ الحطيئة وقف على حسّان بن ثابت وحسّان ينشد من شعره؛ فقال له حسّان وهو لا يعرفه: كيف تسمع هذا الشعر يا أعرابيّ؟ قال الحطيئة: لا أرى به بأسا. فغضب حسّان وقال: اسمعوا إلى كلام هذا الأعرابيّ! ما كنيتك؟

  قال: أبو مليكة. قال: ما كنت قطَّ أهون عليّ منك حين كنّيت بامرأة، فما اسمك؟ قال: الحطيئة فقال حسّان:

  امض بسلام.

  اتهمه أعشى بكر عند خمار بالبخل فاشترى كل الخمر وأراقها:

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود الزّرقيّ⁣(⁣٦) قال حدّثنا عبد اللَّه بن


(١) الأكحل: عرق في وسط الذراع؛ قال ابن سيده: يقال له عرق النسا في الفخذ، وفي الظهر الأبهر، ويسمى: عرق الحياة ونهر البدن.

(٢) يحفز: يدفع.

(٣) يقال: درع سابغة، إذا كانت طويلة تامة.

(٤) فضفاضة: واسعة. والنهي: الغدير. وفي «الديوان» (ص ٦٦ طبع أوروبا) ورد هذا الشطر هكذا:

تغشى الأنامل مثل النهي بالقاع

وفسره في (ص ٩٥) بقوله: «شبه الدرع في بياضها واطرادها بالغدير».

(٥) في الأصول: «من مشايخه».

(٦) الزرقيّ: نسبة إلى بني زريق، بطن من الأنصار، وهم بنو زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم الخزرجي. (راجع «أنساب السمعاني»).