كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حسان بن ثابت ونسبه

صفحة 374 - الجزء 4

  شبيب قال حدّثني الزّبير، وأخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثني الزّبير قال حدّثني بعض القرشيين قال:

  دخل حسّان بن ثابت في الجاهليّة بيت خمّار بالشّأم ومعه أعشى بكر بن وائل، فاشتريا خمرا وشربا، فنام حسّان ثم انتبه، فسمع الأعشى يقول للخمّار: كره الشيخ / الغرم. فتركه حسّان حتّى نام، ثم اشترى خمر الخمّار كلَّها. ثم سكبها في البيت حتّى سالت تحت الأعشى؛ فعلم أنّه سمع كلامه فاعتذر إليه؛ فقال حسّان:

  ولسنا بشرب فوقهم ظلّ بردة ... يعدّون للخمّار تيسا ومفصدا⁣(⁣١)

  ولكنّنا شرب كرام إذا انتشوا ... أهانوا الصّريح⁣(⁣٢) والسّديف المسرهدا

  كأنّهم ماتوا زمان⁣(⁣٣) حليمة ... فإن تأتهم تحمد ندامتهم⁣(⁣٤) غدا

  وإن جئتهم ألفيت حول بيوتهم ... من المسك والجادي⁣(⁣٥) فتيتا مبدّدا

  ترى حول أثناء الزّرابيّ⁣(⁣٦) ساقطا ... نعالا وقسّوبا⁣(⁣٧) وريطا⁣(⁣٨) منضّدا

  / وذا نمرق⁣(⁣٩) يسعى وملصق خدّه ... بديباجة تكفافها قد تقدّدا


(١) كذا في أكثر من خمس نسخ مختلفة من «ديوانه». والمفصد: آلة الفصد. يريد أنهم ملوك لا يفصدون التيس ويأكلون دمه. وفي الأصول: «ومقصدا» بالقاف وهو تصحيف. وفي أكثر نسخ «الديوان»: «للحانوت» بدل «للخمار».

(٢) رواية «الديوان»:

ملوك وأبناء الملوك إذا انتشوا ... أهانوا الصبوح والسديف المسرهدا

والصريح: اللبن ذهبت رغوته. والسديف: لحم السنام، وقيل شحمه. والمسرهد: السمين من الأسنمة.

(٣) في «ديوانه»:

وتحسبهم ماتوا زمين حليمة

يقول: تراهم من سكرهم كأنهم موتى. وزمان حليمة، يشير به إلى أحد أيام العرب المعروفة، وهو يوم التقى المنذر الأكبر والحارث الأكبر الغساني. والعرب تضرب به المثل في كل أمر متعالم مشهور، وللشريف النابه الذكر، فتقول: «ما يوم حليمة بسر». وحليمة هذه هي بنت الحارث بن أبي شمر. وسبب إضافة اليوم إليها أنها أخرجت طيبا في مركن فطيبت به جيش أبيها الذي وجّه به إلى المنذر. قال النابغة يصف سيوفا:

توروثن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جرّبن كل التجارب

(انظر: «لسان العرب» مادة حلم و «نهاية الأرب» ج ٣ ص ٥١ طبع دار الكتب المصرية).

(٤) ندامتهم: منادمتهم ومجالستهم.

(٥) الجاديّ: الزعفران.

(٦) الزرابي: الطنافس. وفي «الصحاح»: النمارق، الواحد من كل ذلك زربية (بفتح الزاي وسكون الراء). وقد ورد هذا البيت وفي «اللسان» مادّة قسب وبعض نسخ «الديوان» هكذا:

ترى فوق أذناب الروابي سواقطا ... نعالا وقسوبا وريطا معضدا

(٧) كذا في «ديوانه» و «لسان العرب». والقسوب: خفاف لا واحد له. وفي الأصول: «قسيا».

(٨) الريط: جمع ريطة، وهي الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ولم تكن لفقين، أو هي كل ثوب لين رقيق.

(٩) النمرق والنمرقة: وسادة صغيرة يتكأ عليها، وما يفترشه الراكب فوق الرحل، وهو المراد هنا. وفي بعض نسخ «الديوان»:

وذو نطف يسعى ملصق خده

والنطف: القرط. والتكفاف، لعله يريد به الخياطة الثانية بعد الأولى التي هي الشل. وتقدد: تقطع وبلي.