المسألة الخامسة: في ذكر الأدلة وشروط الاستدلال بها
  قيل: والعلم الحاصل من الثلاثة المتأخرة لا يقوم حجة على الغير لجواز أن لا تكون له تجربة، ولا تواتر، ولا حدس لعدم مشاركته في ذلك للمستدل، وأما غير اليقينية فستة أقسام:
  أحدها: المشهورات وهي قضايا يعترف بها جميع الناس لاشتمالها على مصلحة عامة لهم نحو: العدل حسن، والظلم قبيح، ولما في طباعهم من الرقة والحمية كمراعاة الضعفاء محمودة، ونصرة الولي حسنة، وخذلانه قبيح، أو لعادات وشرائع(١)، ولكل قوم مشهورات بحسب عاداتهم وآدابهم، ولكل أهل صناعة مشهورات بحسب صناعاتهم.
  الثاني: المسلمات وهي قضايا تسلم من الخصم فيبني عليها الكلام لدفعه(٢) سواء كانت مسلمة فيما بينهما خاصة، أو بين أهل العلم كتسليم الفقهاء مسائل أصول الفقه نحو أن يستدل الفقيه بخبر الواحد، فيقول خصمه خبر الواحد ليس بحجة، فيجيبه بأن حجيته قد ثبتت في أصول الفقه فلا بد أن يأخذه المناظر له مسلماً، والقياس المؤلف من المشهورات والمسلمات يسمى جدلاً، والغرض منه إلزام الخصم، وإقناع من لا قدرة له على فهم البرهان.
  الثالث: المقبولات وهي ما يصدر ممن يعتقد صلاحه.
  الرابع: المظنونات وهي ما يحكم بها العقل من القضايا حكماً راجحاً
(١) العادات كقبح ذبح البهائم عند أهل الهند وعدمه عند غيرهم والشرائع الأمور الشرعية. تمت مؤلف.
(٢) أي دفع الخصم. تمت مؤلف.