المسألة الرابعة: [دلالة الآية على أن اللون شيء]
المسألة الرابعة: [دلالة الآية على أن اللون شيء]
  في قوله: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}[البقرة: ٦٩] دليل على أن اللون شيء، وأنه يدرك بحاسة البصر؛ أما دلالته على أنه شيء، فلأن الله تعالى عرفهم بذاتها، وبجميع صفاتها، ومن جملتها لونها، فدل على أنه شيء، وإلا لما حصل به التعريف. ومما يدل على ذلك أنا نرى الشعر أسود، ثم تراء أبيض وعينه قائمة، وذلك يوجب كون السواد شيئًا والبياض شيئًا، وأنهما ضدان يبطل أحدهما عند حضور الآخر، والعدم لا يكون ضدًا لغيره يبطله، ولا يجوز أن يقال فيه: إنه يحدث ويبطل؛ لأنه نفي محض لا تتعلق به قدرة، وإنما تتعلق بالمعدوم. وأما دلالتها على أنه مرئي فلأن بني إسرائيل لو لم يروا لون البقرة لما زالت عنهم الشبهة، ولبقيت الجهالات، ولما فرقوا بين الصفرة وغيرها من الألوان، والمعلوم خلاف ذلك.
  قال الإمام أحمد بن سليمان: فلما وصفها الله بالصفرة، وبالغ في صفتها بالفقاعة، فلم يكونوا يبلغون إلى معرفة هذه الصفة إلا بالنظر صح أنها مرئية، ويكفي من هذا الاحتجاج أن الأعمى لو لمس البقرة لما عرف لونها، ولا أمكنه وصف شيء بلونه، وكذلك من لا يرى اللون لا يمكنه وصف شيء بلونه؛ إذ لا يعرف بشيء من الحواس غير البصر، وإذا كان لا يعرف بغيره صح أنه مرئي؛ على أن القول برؤية الألوان مجمع عليه. ذكره في الحقائق، ولا خلاف فيه إلا عن نفاة الأعراض، فإنها عندهم أجسام لا ينكرون رؤيتها.