المسألة الثالثة: [نسخ الأخف بالأشق]
  إلى حكم الأصل، ولا مانع من هذا، فإن ترك العبادة وإسقاطها قد يكون خيرًا من فعلها، كما أن ترك الشدة في تدبير الوالد لولده قد يكون خيرًا منها وإن لم يكن معه رفق.
  سلمنا أن المراد نأت بحكم شرعي، لكنه عام يقبل التخصيص، فلعله خصص بما نسخ إلى غير بدل كآية النجوى؛ وما قيل من أن النسخ فيها إلى بدل وهو الجواز الصادق بالإباحة والاستحباب فمدفوع بأن الجواز هنا أصلي؛ إذ لا دليل شرعي يدل عليه.
المسألة الثالثة: [نسخ الأخف بالأشق]
  ذهب داود وطبقته من أهل الظاهر وهو أحد قولي الشافعي إلى أنه لا يجوز نسخ الأخف بالأشق، واحتجوا بأن قوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: ١٠٦] ينافي كونه أثقل؛ لأن الأثقل لا يكون خيرًا من الأخف ولا مثله. والخلاف في ذلك للجمهور، فقالوا: بل يجوز. واحتجوا بأن النسخ إنما يرد للمصلحة، ولا مانع أن تتغير المصلحة في الأخف إلى الأشق، كما لا يمتنع في نقيضه.
  دليل آخر، وهو أن التعبد بالناسخ الأشق كابتداء التكليف به، وذلك جائز، بل التكليف مبني على المشقة، وقد عرف حسنه مما مر في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ...}[البقرة: ٦] الآية، وغيرها.
  قيل: ولم يخالف في جواز تكليف الشاق ابتداء إلا القرامطة،