المسألة الخامسة [في شروط ثواب الأعمال]
الشبهة الأولى
  أن الاستحقاقين إما أن يتضادا أَوْ لا، الثاني: باطل، ما وإلا لزم اجتماعهما، والمعلوم خلافه، والأول باطل أيضاً؛ لأن طريان الطارئ مشروط ومعلل بزوال الباقي، فلو كان زوال الباقي معللاً بطريان الطارئ لزم الدور، وهو محال، وربما أورد هذه الشبهة على وجه آخر، وهو أن تنافي الاستحقاقين يوجب كون كل واحد منهما علة في عدم الآخر، ومن حق العلة أن يكون معلولها مقارناً لوجودها، وذلك يستلزم عدمهما معاً حال وجودهما معاً. وهو محال.
  والجواب أنا لا نسلم تضادهما، وإنما هما جاريان مجرى المتضادين، وذلك أن التضاد لا يكون إلا بين الأعراض. قيل: أو بين الجوهر والعرض كالفناء والجسم، وإذا لم يكونا متضادين لم يكونا أمرين وجوديين، بل هما أمران اعتباريان متنافيان في أنفسهما، وإذا كانا اعتباريين فلا يكون ثبوتهما علة ولا عدمهما معلولاً، وإنما هي كالنفي والإثبات في أنه لا يصح اجتماعهما، وإن لم يكن أحدهما علة حقيقة في انتفاء الآخر.
  فإن قيل: ومن أين لكم أنهما أمران اعتباريان؟
  قيل: لأن المرجع بهما إلى حسن أمر، والحسن ليس بوجودي، بل معناه أن للفاعل أن يفعله، وهذا ليس بوجودي؛ فبطلت طريقة العلة والمعلول بينهما، وثبت أن امتناع اجتماعهما إنما هو لاستحالة