مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2459 - الجزء 4

الفصل الأول فيما يريده الله تعالى وما لا يريده

  ولنقدم قبل ذلك مقدمة فيما يصح أن يراد، ويستحيل، ويجب، ويحسن، ويقبح. أما ما يصح فكلما صح حدوثه كالمقدورات أو اعتقد صحة حدوثه كاجتماع الضدين صح أن يراد، وقد مرَّ البحث في صحة إرادة اجتماع الضدين ممن اعتقد ارتفاع التضاد في الموضع الثالث. وكلما لم يكن كذلك كالقديم والباقي واجتماع الضدين فيحق من يعلم تضادهما استحال أن يراد؛ لأنها لا تتعلق إلا بالحدوث وتوابعه، لكن إنما يستحيل تعلقها بالنافي حق من يعتقد بقاه، فأما من لا يعتقده كمن يعتقد تجدد الجسم حالاً فحالا فإنه يصح أن يريده، ذكره الإمام عز الدين؛ ومراده # أن الإرادة إنما تتعلق بالشيء لإحداثه، والباقي على القول بتجدده من جملة المحدثات التي تتعلق بها الإرادة لإحداثها؛ لكنه يقال: لم تتعلق على هذا القول بالباقي، وإنما تعلقت بما يتجدد عليه من الحدوث، فلا يكون مخالفاً للقول باستحالة تعلقها بالباقي. وأما ما يجب أن يراد فهو فعل العالم بما يفعله إذا كان له فيه غرض، وكان ذلك الفعل مقصوداً بنفسه، غير تابع لغيره، ولم يكن منه مانع؛ ولا بد من استكمال هذه الشرائط؛ لأنه لو لم يكن عالماً به لصح أن يقع ولا يريده أيضاً؛ ألا ترى أن الضارب لغيره قد يعلم أنه ينتفض التراب من المضروب عند الضرب مع أنه قد لا يريده لما لم يكن فيه غرض، ولا تعلق به قصده، وإنما هو تبع للضرب، وكذلك الفصاد فإنه لا يريد الألم مع علمه بأنه قلما ينفك الفصد من الألم، وكذلك لو كان ثَمَّ مانع؛ لأنه لو منع من الإرادة لصح منه